عتقد أننا فشلنا كأصحاب أعمال في التفكير بما فيه الكفاية والانتباه إلى ما يمكن للمرأة أن تقدمه في مكان العمل، وفي ظل وجود بيئة عمل يهيمن عليها الرجال نحرم أنفسنا من مجموعة كاملة من المهارات والأفكار والمواقف وتجارب الحياة، وفي ظل غياب تمثيل 50٪ من السكان عن بيئة العمل يبدو عالم الأعمال أعرجاً يحقق نصف نجاح.
سواء كنا نعمل في قطاعات الإعلان أو الضيافة أو الملابس أو السياحة أو تجارة التجزئة أو الاتصالات..، فإن أكثر من نصف قاعدة عملائنا وجمهورنا المستهدف هو من الإناث، ولكننا نقدم خدماتنا ومنتجاتنا من وجهة نظر ذكورية، وبطابع ذكوري، ما يجعل وصولنا إلى الجمهور منقوص بشكل كبير.
النساء يقدمن مجموعة متنوعة متكاملة من تجارب الحياة الإضافية في مكان العمل، ولا يمكن الاكتفاء بدور الأنثى كأم أو أخت أو ابنة، والمرأة البحرينية حملت هذا المجتمع بأكمله داخل رحمها لمدة تسعة أشهر، وأقل ما يمكننا القيام به هو الاعتراف بها باعتبارها مساوية للرجل على الأقل.
العديد من بيئات العمل قاحلة موحشة نتيجة للهيمة الذكورية، وتسود فيها مظاهر التوتر والضغط والعدوانية، فيما تسود في بيئة الأعمال الصحية التي تجمع إناثا وذكورا مظاهر الليونة واللطف وحسن المعاملة وجوانب الحدس والذكاء.
وبالنظر إلى ارتفاع متطلبات الحياة، باتت الكثير من العائلات لا يمكنها العيش اعتمادا على مصدر دخل واحد، فلماذا لا يكون كلا الشريكين منخرطان في تلبية متطلبات الأسرة من جميع النوحي؟
بعض أصوات المحافظين الذين يريدون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ويقفون ضد تمكين المرأة يحذرون من أن عمل المرأة يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستوى البطالة بين الرجال. ومع ذلك، عندما ننظر في العوامل الاقتصادية؛ نجد أن وجود نساء عاملات أكثر يعني ارتفاع معدلات الاستهلاك وازديد القدرة الشرائية في المجتمع، وهو ما يعطي دفعة للاقتصاد، وبالتالي يساعد على توفير المزيد من فرص العمل، وبهذا تتحقق مصلحة الجميع.
لقد كنا مخطئين عندما فكرنا في تمكين المرأة كبادرة رمزية، وترجمنا أفكارنا تلك عبر توظيف سكرتيرة أو اثنتين لـ “جعل المكتب أكثر جاذبية”!.
لقد شدد جلالة الملك المفدى في مشروعه الإصلاحي على تمكين المرأة ومنحها جميع الفرص والإمكانيات لتسهم في نهضة وازدهار المجتع البحريني جنبا إلى جنب مع الرجل، حتى أن ذلك جرى توثيقه في ميثاق العمل الوطني والدستور الذي انبثق عنه، وكان إنشاء المجلس الأعلى للمرأة إحدى أهم ثمار المشروع الإصلاحي لجلالة الملك في هذا الاتجاه، ونحن هنا نشيد بدور هذا المجلس الذي ترأسه قرينة جلالة الملك في ترجمة رؤية جلالته إلى حقائق وإنجازات على أرض الواقع.
إن مملكة البحرين تحقق تقدما جيدا في مجال تمكين المرأة وضمان حقوقها السياسية مقارنة بالعديد من الدول الإقليمية الأخرى، لكن ما زال أمامنا الكثير من العمل، ولقد دخلت ثلاث نساء إلى البرلمان في الانتخابات التشريعية العام الفائت عبر الانتخاب المباشر، كما دخلت ثلاث نساء أخريات إلى المجالس البلدية، وهذا مؤشر مهم على مدى ازدياد وعي المجتع البحريني إزاء قدرة المرأة على تمثيل مصالح الناس والدفاع عنها، ومؤشر أيضا على أنه يجب علينا أن نزدري المواقف التي عفا عليها الزمن والتي تنظر إلى المرأة على أنها أقل شأنا بطبيعتها من الرجل في نواح كثيرة.
مؤشر آخر يمكن الاعتداد به، وهو ارتفاع عدد النساء البحرينيات في مجالس إدارة الشركات، الحكومية والخاصة، كما رأينا مؤخرا أن أمرأة بحرينية باتت على رأس واحدة من أهم الشركات، ودخلت أربع سيدات بالانتخاب عضوية مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين، كما ونرى بين الفينة والأخرى سيدات الأعمال البحرينيات يُكرَّمن من قبل هيئات ومؤسسات دولية، ويشغلن مراتب متقدمة كأقوى سيدات مجلة فوربس، وهذه كلها مؤشرات جيدة، لكن ليست كافية.
جزء من المشكلة هو أن النساء أنفسهم لا يسعين كما يجب إلى اكتشاف إمكانياتهن واستثماره، وتربية الفتيات منذ سن مبكرة على أنهن أقل شأنا من الرجال تجعلهن يتصرفن على هذا الأساس وكأنها حقيقة مطلقة، ويصبحن كفرخ النسر الذي سقط في خم الدجاج والذي كبر وهو يعتقد أنه دجاجة!.
علينا أن نغرس داخل الأسر وفي المدارس وفي المجتمع المدني وفي كل من النساء والرجال أن المرأة هي كل شيء، وهي شريكة على قدم المساواة في بناء مستقبل البحرين ولها الحق في الحصول على نفس الفرص.