البوصلة

جرعة كبيرة من الثقة والتفاؤل، لا أقول بثها، وإنما جددها، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية الشقيقة في حديثه مع شبكة «فوكس نيوز»، وأكاد أقول إن معالم المنطقة، سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، تتغير وترتسم كلما تحدث هذا القائد الشاب الطموح، وعلى جميع صناع القرار في المنطقة، بل والعالم، أن يعيدوا ضبط بوصلتهم وصياغة اتجاهاتهم بناء على رؤية سموه.

القائد الشاب شجاع، لا يوارب ولا يداري، بل يصارح ويضع النقاط على الحروف، بشأن النووي، والتطبيع مع إسرائيل، والعلاقات مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، والاستثمار، واستقرار أسواق الطاقة، ومجموعة دول «بريكس» التي ستنضم إليها السعودية اعتبارًا من يناير المقبل.

حديثه ينبع من عاطفة كبيرة تجاه وطنه، وإدراكه إنه يحمل إرث الآباء والأجداد من جهة، وطموحات السعوديين وخاصة الشباب من جهة أخرى، وله الحق أن يفخر بأن بلاده، المملكة العربية السعودية، هي «أكبر قصة نجاح في القرن الحادي والعشرين، وهي قصة هذا القرن». هذا الأمر ليس من فراغ، وإنما يستند إلى حقائق، من بينها أن السعودية حققت أعلى معدل نمو ضمن مجموعة دول العشرين العام الماضي، حيث سجل اقتصادها نموًا بنسبة 8.7 %، وهو الأعلى منذ 2011.

أيضًا من عناوين هذه المقابلة التي يجب أن نصغ لها جيدًا هو كشف سموه عن أن المملكة العربية السعودية تستعد للإعلان عن رؤية 2040 بهدف تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط، وأن ذلك سيتم في عام 2027 أو 2028.

أيضًا كان سمو ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان واضحًا ومباشرًا في حديثه مع «فوكس نيوز» الأمريكية فيما يخص القضية الفلسطينية وأهميتها، وما تمثله للسعودية والعرب والمسلمين، وكذلك مدى إمكانية عقد سلام مع إسرائيل، فقد شدد سموه على أن القضية الفلسطينية مهمة للغاية، وبحاجة إلى حلها، وأن هناك مفاوضات جيدة مستمرة ومتواصلة، للوصول إلى حل عادل يسهل حياة الفلسطينيين، ويعكس حديث الأمير محمد بن سلمان بشأن القضية الفلسطينية الموقف السعودي الثابت عبر الزمن تجاه قضية فلسطين، فقد كانت ولازالت المملكة أكبر الداعمين للدولة الفلسطينية، والداعية إلى مبدأ حل الدولتين.

ما يضفي على هذه المقابلة الإعلامية لسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان طابعًا خاصًا، هو تزامنها مع احتفالات المملكة العربية السعودية بيومها الوطني الـ93، وكيف استطاع المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن البدء بكتابة قصة نجاح السعودية الحديثة، وكيف يواصل الأمير محمد بن سلمان الآن كتابة فصولها.

ولا بد من التأكيد على أهمية استثمار مناسبة اليوم الوطني السعودي في التفكير بكيفية المضي قدما بتطوير العلاقات بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية الشقيقة لفضاءات أرحب في مختلف المجالات، بما في ذلك المجالات التنموية، وتحقيق التكامل الاقتصادي، والارتقاء بتلك العلاقات المشتركة بما يلبي تطلعات قادة وشعبي البلدين.

وفي هذه المناسبة لا نكتفي بتهنئة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان والشعب السعودي، بل نهنئ أيضًا جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء، وذلك انطلاقًا من أن أفراح السعودية هي أفراح البحرين، واليوم الوطني السعودي مناسبة تظهر فيها عمق الروابط التاريخية بين المملكتين الشقيقتين.

وإن كثيرًا من المؤشرات ترصد نموًا كبيرًا في الاتصالات بين المواطنين في كلتا المملكتين، ما يعد برهانًا واضحًا على كون الشعبان على جانبي الحدود البحرينية السعودية شعبًا واحدًا لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، إضافة إلى أواصر القربى والمصاهرة التي تجمع الشعبين الشقيقين وتدفع للمضي قدمًا بالعلاقات الرسمية على كل المستويات، وتعزز من العمق التاريخي للوشائج التي تربط المملكتين الغاليتين على جميع الصعد.

ومن المتوقع إلى حد بعيد أن تحقق المملكة العربية السعودية خلال السنوات المقبلة المزيد من الإنجازات والطفرات الاقتصادية التي تنعش مفاصل الاقتصاد وتعمل على جذب الاستثمارات الداخلية والخارجية، فالاقتصاد السعودي يمر بمرحلة مهمة للغاية، وهي مرحلة إعادة صياغة الأركان الداعمة لهذا الاقتصاد خلال الفترة المقبلة، إذ تتحول السعودية من دولة كانت تعيش على دخل النفط طوال عقود مضت، إلى دولة لديها اقتصاد قوي ومتكامل يمتلك قطاعات استثمارية متنوعة، تدر دخلاً جيدًا على البلاد والعباد، وتوفر العديد من فرص العمل.

ولا بد من الإشارة هنا إلى الدور الرائد للمملكة العربية السعودية الشقيقة سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا وإنسانيًا يفتخر به كل إنسان منصف ومحب للخير، مشيدًا بالمواقف الشجاعة للسعودية في نصرة قضايا الحق والعدل، إذ رسخت دعائم الأمن والاستقرار ووحدت الصفوف في مواجهة كل التحديات.

لا بد من الإشادة أيضا بتطور العلاقات البحرينية السعودية التي تعد من أكبر وأهم الشركاء في العديد من المجالات، بالأخص الإنسانية والأمنية والتجارية والاقتصادية، متطلعا إلى زيادة وتيرة العلاقات في هذه المجالات في ظل القيادتين الرشيدتين. وبين أن العلاقات التي تربط البحرين بشقيقته الكبرى السعودية هي علاقات محبة وتقدير، فالسعودية هي السند القوي والعضد المتين وتمثل عمقا استراتيجيا لشقيقتها الصغرى مملكة البحرين، مشيرًا إلى أن التعاون بين البلدين في القطاع التجاري يمثل أحد أهم وأمتن العلاقات التجارية، ونموذجا يحتذى بها في كل دول العالم، بالإضافة إلى التعاون في المجالات المختلفة.

إن مملكة البحرين تستذكر في هذا اليوم المواقف الداعمة لها من جانب جارتها وشقيقتها المملكة العربية السعودية، إذ تمثل العلاقات الثنائية بين البلدين نموذجا يحتذى، وذلك استنادًا لعمق الروابط الأخوية والتاريخية الوطيدة، وحرص قادة ومسؤولي البلدين على تطويرها وتفعيلها.

نحن فخورون بما تشهده المملكة العربية السعودية من تطور باهر في مختلف المجالات، فالسعودية هي العمق الاستراتيجي للأمة العربية والإسلامية، ونحن سعداء للمكانية العالية المرموقة التي بلغتها بين دول العالم لمواقفها المشرّفة في القضايا المصيرية والحيوية.

بواسطة akmiknas

أضف تعليق