عنوان مقالي هذا السبت مقتبس من جملة قالها حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم لدى استقباله أهالي المحافظة الشمالية للسلام على جلالته وتبادل التهاني بشهر رمضان الكريم، عندما قال جلالته وهو ممسكا بيد الدكتور علي فخرو كلاما جميلا حكيما بحق الدكتور فخرو، ورد فيه جملة توقفت عندها كثيرا: “نحن من مدرسة التفاؤل”.
يحل علينا عيد الفطر السعيد، ولا خيار لنا إلا التحلي بمزيد من القوة والعزم والتفاؤل، متطلعين إلى الماضي الذي حققنا فيه الكثير من الإنجازات وتجاوزنا الكثير من التحديات، نحو مستقبل نأمل، ونعمل، بتفاؤل، على أن نحقق المزيد والمزيد لأنفسنا ولعائلتنا والناس من حولنا وقيادتنا ووطننا، بل الأمة العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء.
وفيما يلتهب العالم من حولنا في أتون الحروب والصراعات والفتن، وتتسع دوائر عدم الاستقرار في كثير من الدول، نحمد الله أننا آمنون مطمئنون في بلدنا، نعمل بجد لتجاوز مختلف التحديات، وننظر إلى المستقبل بأمل وثقة كبيرين في هذا البلد المعطاء، برعاية الله تعالى وحفظه، وبقيادة حضرة صاحب الجلالة مليكنا المفدى حظفه الله ورعاه، وهمِّة وعزم صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء الموقر حفظه الله.
وقد كتبت سابقا، وأؤكد دائما، أنه يكفي أن ننظر في محيّا قيادتنا الرشيدة بارك الله فيهم حتى نرى الابتسامة والراحة والطمأنينة، فتتلاشى جميع مخاوفنا، وتملؤنا مشاعر الرضا والتفاؤل بأن الأمور طيبة، وأن هناك عقولا وقلوبا وأيادي تفكر وتسهر وتعمل من أجل راحتنا، ولتضمن لنا المزيد من الرفاهية في مختلف المجالات.
لقد عاصرتُ وكنت شاهدَ عيان على مختلف مراحل التطور التي مرت بها البحرين على مدى نحو نصف قرن، فقد قدمت إلى البحرين في العام 1976 في زيارة عمل مؤقتة بدعوى من الرجل الفاضل جميل وفا أطال الله عمره، وكانت النية العودة إلى دبي، حيث كنت أنشأت مكتبًا هناك بعد انتهاء العمل، لكن لهذا البلد سحر خاص، وجاذبية أخاذة لا يمكن مقاومتها، فانخرطت في الأعمال والحياة والعلاقات هنا حتى تلاشت في ذهني فكرة العودة.
كنا نتطور بسرعة كبيرة تفوق جميع جيراننا، حيث نهض قطاع مصرفي عملاق أصبح رائدا على مستوى المنطقة ككل، وانتشرت المصانع العملاقة التي تصدر معظم منتجاتها من منتجات نفطية وألمنيوم وبتروكيماويات وغيرها، وتم إنشاء شبكة طرق واسعة وعصرية تصل جميع المدن والقرى، إضافة إلى العديد من المدن العصرية مثل مدينة حمد وزايد وخليفة وسلمان، إضافة إلى مشاريع إسكانية عملاقة، ومنشآت قطاع صحي متطورة، ومدارس وجامعات…
القطاع السياحي الذي أعمل فيه شهد نهضة عملاقة أيضا، وتحولت البحرين إلى وجهة إقليمية بل وعالمية للسواح، خاصة بعد افتتاح جسر الملك فهد، حيث كسرت البلاد عزلتها الجغرافية واتصلت بشريان حيوي بري مع شقيقتها الأكبر، المملكة العربية السعودية، وتمت إقامة الكثير الكثير من المنشآت السياحة من فنادق ومطاعم ومجمعات تجارية ومناطق ترفيه وغيرها.
ولا بد من التذكير هنا بأنه منذ كان جلالة الملك المفدى وليًا للعهد كان لديه نظرة ثاقبة بعيدة المدى في تطوير البحرين، وما أن حمل المسؤولية بعد وفاة والده الأمير الراحل عيسى بن سلمان طيب الله ثراه، حتى أدخل جلالته البلاد في ورشة إصلاح كبيرة بمشاركة الجميع، طالت جميع مناحي الحياة: السياسة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية، وأصبحت البحرين دولة عصرية لها حضورها المسؤول على الساحة الدولية.
فمعَ تسلّم جلالة الملك المفدى مقاليد الحكم وإطلاق جلالته للمشروع الإصلاحي بدأ بالفعل ما يمكن تسميته بالربيع البحريني الحقيقي، ورسمت البحرين لنفسها مسارًا ديمقراطيًا تنمويًا بأبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية، وشدّت انتباه العالم في تجربتها الفريدة من نوعها، والتي استطاعت من خلالها دخول عصر التقدم والحداثة دون الإخلال بالثوابت التاريخية والحضارية للبحرين والتركيبة الاجتماعية والثقافية التي اطمأن إليها الحكم والشعب على مدار مئات السنين الماضية.
ولا بد هنا من الإشارة لزخم المنجزات الوطنية التي رافقت تولي جلالة الملك المفدى مقاليد الحكم، وما شهدته البحرين من حرية اقتصادية في كافة نواحي الحركة التجارية والصناعية في المملكة، ووصلت نسبة التملك بالمشاريع على اختلاف فئاتها الى 100% لمختلف الجنسيات، وتنوع مصادر الدخل والنشاط الاقتصادي فاق نظيراته في دول الجوار، الى ان اصبحت المملكة نموذجا يحتذى بالحرية والعدالة الاقتصادية إقليميًا وعالميًا.
ولا بد من الإشارة هنا أيضًا أن التجارب أثبتت للقاصي والداني أن نظام الحكم في البحرين ودول الخليج العربي هو الأصلح والأكثر استقرارا والأقدر على تحقيق مستويات أعلى من السعادة لمواطنيه وللمقيمين والسياح والزوار، إنه نظام العائلة، العائلة التي يشعر الأب فيها بمسؤوليته الكبيرة تجاه ابنائه، ويسهر على راحتهم ويفرح لفرحهم ويحبهم أضعاف ما يحبونه.
كما أن الرؤية الشاملة التي قدمها صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء الموقر تبشر بمرحلة جديدة من الرفعة والازدهار في مملكة البحرين، وجميعًا فخورون بهذه الشخصية التي تمثل الوجه الحضاري للبحرين، ومتفائلون إلى أبعد حد بقدرة سموه على رسم مستقبل أكثر ازدهارا لمملكتنا العزيزة، ونقف خلفه داعمين ومساندين ومستلهمين توجهات وتوجيهات سموه السديدة، ونسخر كل مقدراتنا وطاقاتنا وأعمالنا في خدمة مسيرة التنمية الوطنية.
أشعر بالتزام كبير تجاه هذا البلد المعطاء، الذي احتضن أسرتي، ووفر لي كل شيء من أجل تنمية أعمالي ونجاحي، وقد ربطت مصيري بمصيره منذ الشهور الأولى لقدومي، وكان تطوره ونمائه تطور ونماء لي، وأحرص في كل مشروع أقوم به على أن يكون شيئا من رد الجميل، وذلك من خلال الحرص على نجاح المشروع ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وتوظيف المزيد من البحرينيين فيه، وكلي فخر اليوم بأني التقي في كثير من الأماكن بحرينيين عملت معهم في فترات مختلفة من حياتي هنا، وأسهمت بطريقة أو بأخرى في تحسين حياتهم، من خلال توفير فرصة عمل، أو شراكة في مشروع ناجح، أو وحدة سكنية بشروط مسيرة في المشاريع العقارية التي قمت وأقوم بتنفيذها، وغير ذلك.
وأؤكد أن وعي الشعب البحريني والتفافه حول قيادته وحكومته سيكسر أي صعاب حالية ومستقبلية، ولقد برهنت البحرين دائماً على مناعتها في وجه الأزمات بفضل حكمة قيادتها وتلاحم شعبها ووعيه، ومهما تبدلت الظروف والعوامل الخارجية ستبقى البحرين عصية على الطامعين، وبلد الأمن والأمان والاستقرار والازدهار.
عيد فطر سعيد مبارك، وكل عام وانتم بخير