محجوز بالكامل!

لا يمكن أن يمر حدث الفورمولا 1 في البحرين دون أن أسجل انطباعي بشأنه، ولا يمكن أن أتخلى عن متابعة هذا السباق الشيق إلا في حالات الضرورة القصوى، والتي مع الأسف، شهدت واحدةً منها هذا العام عندما اضطررت للسفر خارج البحرين قبل السباق بيوم واحد، ولم يكن لدي خيار سوى تلمس أخباره عبر الشاشات ومن الأصدقاء.

لكن بعد المسافات لا يطفئ الحماسة، ولا يمنع من تخيل هدير المحركات في الصخير يدوي من جديد، ومن متابعة الكرنفالات الرائعة والصور السعيدة لقرابة مئة ألف زائر حضروا الفورمولا 1 هذا العام، فرادى وجماعات، أزواج وعائلات، وسجلوا أمتع اللحظات.

الأخبار الرائعة وصلتني من الأهل والأصدقاء وكوادر الشركة هنا في البحرين: التذاكر بيعت بالكامل، وبعد ذلك كان من الصعب جدًا الحصول على تذكرة عبر إعادة الشراء، وإن وجدت فبأسعار عالية؛ لأن الجميع يريد أن يذهب للفورمولا ويشاهد السباق ويستمتع بجميع لحظاته.

جسر الملك فهد سجل أعلى عبور في تاريخه بعد أن رحب البحرين بمئات آلاف الزوار ليس من المملكة العربية السعودية الشقيقة فقط، بل من مختلف دول المنطقة والعالم الذين توافدوا برًّا إلى البحرين، أما مطار البحرين الدولي فلم يكن أقل ازدحاما، وقرأنا كيف أن طائرتين إماراتيتين من أكبر الطائرات في العالم تقلان جماهير السباق.

أيضًا، ومن خلال متابعتي لأعمالي في قطاع الضيافة هنا في البحرين، أستطيع التأكيد أن نسبة إشغال المطاعم والفنادق فاقت التسعين بالمئة، ووصل الكثير منها إلى مئة بالمئة في ليالي السباق، وكان إيجاد سيارة أجرة ليس بالأمر السهل، ونشاط القطاع التجاري مرتفع إلى حد كبير، وجميع منشآت السياحة خلية نحل لا تهدأ بعد أن استعدت تماما لهذا الحدث.

وأود أن أسجل فخري واعتزازي بجهود جميع القائمين على تنظيم هذا السباق، وأخص بالذكر وزارة السياحة وهيئة البحرين للسياحة، وأنا معجب بالجهود والمبادرات التي بذلوها للترويج للسباق، واللمسات الجميلة الرائعة التي أضافوها هذا العام، كانت كلها ممتازة وفي محلها.

وقد شهدنا فعاليات على هامش الفورمولا 1 هذا العام، بما فيها الباليه الإمبراطوري الروسي، ومهرجان البحرين للطعام، وغيرها، وهذا أمر جيد، لكن لا شك أننا لا زلنا بحاجة للمزيد: رحلات سياحية بحرية، وألعاب رملية، وعروض تراثية، وغيرها، وذلك لتعظيم الفائدة من هذا الحدث.

الشكر موصول أيضا للقائمين على حلبة البحرين الدولية، وعلى مطار البحرين، وشركة طيران الخليج، ووزارة الداخلية ممثلة بالأمن العام وإدارة المرور وغيرها، وحتى وزارات الأشغال وغيرها من المؤسسات الخدمية، ومختلف جهات القطاع العام والخاص التي أسهمت في تحقيق هذا النجاح الباهر.

ولا شك أن التطور الذي تشهده الفورمولا 1 عامًا بعد عام هو جزء من نظرة سمو ولي العهد رئيس الوزراء الثاقبة للأمور، وإصرار سموه على المضي قدما في تطوير هذه الفعالية عامًا بعد عام رغم التحديات، ولا شك أن حضور فعالية الفورمولا واحد يدركون بالفعل جمال هذا البلد والإمكانات البارزة التي يتمتع بها والتي يجب علينا جميعًا استثمارها بأقصى فاعلية ممكنة.

لقد كان واضحًا التطور الكبير في جوانب كثيرة من هذ السباق العالمي، تطور انعكس في زيادة عدد الزوار والسياح، وفي الفعاليات المصاحبة، وأبرز قدرة القائمين على الفورمولا واحد على تحويلها لمهرجان ترفيهي متكامل يمثل سباق السيارات ركنًا أساسيًا فيه، ولكن ليس كل أركانه.

هذا التطور لا يشمل الحلبة والسباق فقط، بل منطقة الصخر كاملة، فمن على شرفة برج الحلبة الذي يتوسط مسارات السباق، يمكن للمرء الآن أن يرى مركز البحرين العالمي للمعارض، الأحدث من نوعه على مستوى المنطقة، ويرجى بلاج الجزائر، ويرى الفنادق التي تقام هناك، ويرى منطقة جرافيتي وما يحيط بها من مطاعم ومقاهي، ويلمس كيف نهضت هذه المنطقة بالكامل.

وفي كل عام، أتحدث إلى أصدقاء ومعارف يزورون البحرين خصيصا لحضور الفورمولا 1، وأعرف أشخاصًا يواظبون على حضور هذا الحدث سنويا منذ العام 2004، فقد كانت البحرين سباقة في العالم العربي في استقطاب هذا الحدث العالمي، وأن توفر له بإمكانيات متواضعة نسبيًا كل أسباب النجاح.

وذكرت سابقًا إنني أعتقد أن الكثير من الناس لا زالوا لا يدركون أهمية الفورمولا بالنسبة للبحرين، كما أن التجار لم يستثمروا بعد هذه الفعالية كما يجب لتحقيق الأرباح المجزية لهم، حيث إن هناك عوائد اقتصادية غير مباشرة تسهم من خلالها الفورمولا 1 كإنعاش المتاجر والمنشآت الفندقية والمرافق السياحية، فضلاً عن قطاعات المواصلات والدعاية والإعلان والمطاعم ومجمعات التسوق وغيرها، والتي تقدر بحسب بعض التقارير بنحو 500 إلى 600 مليون دولار.

وأؤكد مرة أخرى هنا أن سائح الفورمولا 1 هو سائح نوعي يتمتع بمقدرة كبيرة على الانفاق، ويتنقل من بلد لآخر بحثا عن رفاهية منشودة دون النظر إلى تكلفتها عادة، وهو بالتالي لم يأتِ إلى البحرين لمتابعة السباقات فقط، وإنما يريد برنامج سياحي ترفيهي متكامل، ويضع على أجندته قائمة بالمعالم الأثرية وأماكن الترفيه والمطاعم وأماكن السهر التي سيزورها.

كما أن هؤلاء السواح النوعيين يصبحون رسلا لنقل ما تتمتع به البحرين من انفتاح اجتماعي واقتصادي وأمن واستقرار، ويمكن أن نرصد بالفعل نشاط العديد منهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعني أنه ينقل انطباعاته الإيجابية لآلاف وربما ملايين المتابعين حول العالم.

ومن بين حضور الفورمولا أيضًا مفكرون وسياسيون، وشخصيات عامة مهمة، تتابع السباق من جهة، وتناقش مسائل الاقتصاد والسياسة وتعزز من شبكة علاقتها من جهة أخرى، في جو احتفالي بهيج، كما أن لكبار الشخصيات تلك حظوة اجتماعية مهمة، وهم يحملون رسائل ذات تأثير في محطيهم حول ما تتمتع به البحرين من انفتاح اجتماعي واقتصادي وأمن واستقرار.

كتبت سابقا أنني أنظر في سيارة سباق الفورمولا 1، أتمعن في صغر حجمها، ودقة صنعها، وتقنياتها الثورية، وقدرتها على الانطلاق، والتسارع، وتجاوز المنعطفات الخطرة، والإصرار على البقاء في السباق، والمنافسة، والفوز، وأقول لنفسي: كم تشبه هذه السيارة بلدنا البحرين، بعنفوانه وعزمه وإصراره، ومهارة وحنكة قيادته، وعزم أبنائه. 

أنا في الواقع لا أريد الاكتفاء بتهنئة البحرين قيادةً وشعبًا بمناسبة نجاح الموسم الحالي للفورمولا 1، وإنما أريد أيضًا أن أرفق تهنئتي تلك بتمنياتي أن نعزز من العمل معًا من أجل تعظيم استفادة بلدنا الحبيب من هذه الفعالية، وتحويل البحرين كلها إلى حلبة يسودها هدير محركات التجارة والسياحة والضيافة والثقافة.

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s