كتبت في مقالي السبت الماضي عن المعاني العظيمة التي يقدمها جلالة الملك المعظم ومملكة البحرين للعالم من خلال «جائزة عيسى لخدمة الإنسانية»، وكيف أن جلالته تربى في بيت صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان طيب الله ثراه على مكارم الأخلاق والشجاعة والكرم وكل الخصال الحميدة، فكان جلالته خير خلف لخير سلف.
وفي يوم نشر المقال، أُعلِن عن تسجيل سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب قائد الفريق الملكي للقدرة، إنجازًا دوليًا كبيرًا بفوز سموه ببطولة العالم لسباقات القدرة التي أقيمت في دولة الإمارات العربية المتحدة، والجميع شاهد فرحة جلالة الملك المعظم بالفوز التاريخي لنجله البطل الذي سطر إنجازاً بأحرف من ذهب.
الجائزة التي حضرت حفل الإعلان عن توزيعها، والفوز الذي تابعته في الإعلام، يجعلني متأكدًا مرة أخرى أن البحرين ومنذ عهد المؤسس أحمد الفاتح تسير من تميز لتميز، ومن إنجاز لإنجاز، ومن عطاء لعطاء، ومن تفرد لتفرد، ومن تصدر لتصدر. إنه تعاقب الأمجاد التي انبثقت بهمة وعزم الأجداد، وحافظ عليها بكل أمانة ورعاها الآباء، ويدرك قيمتها ويعمل على تنميتها الأبناء والأحفاد.
إن نظرات صاحب الجلالة الملك المعظم لنجله سمو الشيخ ناصر مليئة بالفخر والاعتزاز، ونقرأ فيها الكثير من رسائل التربية التي نطمح أن نتعلمها، من ذلك حرص جلالته على العودة من الإمارات للبحرين قبل سمو الشيخ ناصر، ليكون جلالته حفظه الله في مقدمة مستقبلي البطل ناصر بن حمد لدى عودته إلى أرض الوطن بعد فوزه بلقب بطولة العالم لسباقات القدرة.
ونقرأ رسائل تربوية أخرى في خبر الاستقبال الذي نص على «وجه جلالته الشكر والتقدير لسموه على حمله مسؤولياته الوطنية بكل اقتدار، مؤكداً أن سموه ابن مخلص وبار بكل الولاء للوطن وقدم خدمات جليلة وحقق الكثير من النجاحات والإنجازات المتميزة للمملكة في مختلف الميادين والتي هي محل فخر واعتزاز جميع أهل البحرين، مضيفاً جلالته أن هذا الفوز المستحق بهذه البطولة الدولية، جاء ليؤكد أن لدى مملكة البحرين من الخبرة والإمكانيات والاستعداد ما يؤهلها على الدوام بأن تكون في مقدمة ركب الإنجاز والتفوق».
بالمقابل، يرد سمو الشيخ ناصر حمد مؤكدًا في تصريح له أن هذا الفوز يجسد الرعاية التي تحظى بها رياضة القدرة من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم، ومساندة واهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، مشيرًا سموه إلى أن إنجازات القدرة البحرينية لم تأتِ من فراغ، إنما برؤية تم وضعها وسار عليها الفريق الملكي بحذافيرها حتى وصل إلى تحقيق كامل أهدافه.
إنها العلاقة المثلى بين الأب وابنه، وبين الابن وأبيه، وبين أفراد الأسرة المتلاحمة المتماسكة، التي تربت على الخير والمحبة، والتي تقدم نموذجًا يحتذى للأسر المالكة التي يحب ويحترم أفرادها بعضهم البعض، ويحبون شعبهم، ويحرصون على رفع اسم وطنهم في كل الميادين، ويخصلون في العمل من أجله.
كم هو عظيم شعور النصر في أي ميدان، رياضي أو علمي أو عملي أو ثقافي، وما يضيف على هذا الشعور حلاوة هو أن يكون الفوز في رياضة طالما كانت فخرًا للعرب والعروبة ورمزا للجزيرة العربية ماضيًا وحاضرًا ومستقبلاً، وأن تكون متفوقاً شيء يفتخر به كل إنسان حاز على لقب، أما أن يفوز سمو الشيخ ناصر فهو لقب نفتخر به جميعًا.
وإن المتتبع لأعمال ونجاحات سمو الشيخ ناصر يدرك تمامًا مدى حب سموه للانجاز، وأن سموه منافس قوي، يحب كل ما هو صعب ولا يستهويه السهل، ولا يهاب الصعاب والتحيات، بل يجابهها بقوة راسخة مدعمة بالحلم والعلم والتفكير والعزم والإصرار. إن الشيخ ناصر هو نتيجة تربية جلالة الملك الذي أعطاه المعنى الحقيقي للحياة في المجابهة والتحدي.
إن قوة سمو الشيخ ناصر البدنية جاءت أيضًا من قوة عقله فكره وإيمانه وحبه لذاته وللناس من حوله ولوطنه وللإنسانية، حتى أصبح رمزًا وقدوة لكل بحريني وخليجي وعربي، خاصة وأنه يحمل مهام ومسؤوليات كبيرة جدًا، من بينها مسؤوليات عسكرية، وأخرى إنسانية، وثالثة على صعيد الطاقة، وغيرها الكثير الكثير.
لقد سطر سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة بالفعل هذا الإنجاز بأحرف من ذهب حيث حقق المركز الأول في مسيرة سموه في رياضة القدرة الدولية والبحرينية وسجل فصلاً جديدًا من الانجازات للرياضة البحرينية بشكل عام ورياضة القدرة بشكل خاص، ليؤكد سموه بأن القدرة البحرينية هي المسيطرة على العالم في ظل الانجازات الكبيرة التي حققها سموه والفريق الملكي طوال السنوات الماضية ليختتم بطولات 2022 بأغلى وأكبر الألقاب، ولتكون البطولة الثانية للعالم في غضون أشهر قليلة بعد لقب بطولة العالم للجياد الصغيرة التي فاز بلقبها سموه أيضاً في إسبانيا في الربع الأخير من العام الماضي.
وليس الفوز ببطولة العالم بالقدرة هو الوجهة النهائية لسموه، بل محطة مهمة على طريق الذهب الذي لا يحده حد، فقد أكد سموه أن الفريق الملكي للقدرة سيواصل ريادة القدرة في العالم بعد أن سجل فصلا من فصول الإنجازات الكبيرة في رياضة القدرة البحرينية التي أثبتت مكانتها على الخارطة الدولية، وأشار سموه أيضاً إلى أن الطموحات كبيرة ولن تقف عند هذا الحد بل ستتواصل بعزيمة وإصرار الفرسان سعياً لمواصلة كتابة التاريخ بتحقيق إنجازات أخرى في المشاركات القادمة.
لا يستيقظ الإنسان صباحًا ليحقق ذهب الانتظار بعد العصر، فالنجاح لا يأتِ إلا بعد صبر وجهد وبذل العرق في التدريب والتخطيط وحسن التنفيذ، وقد سمعت مرة سمو الشيخ ناصر يتحدث في برنامج تلفزيوني حول أنه يحرص على التدريب المتواصل والشاق يوميًا وفي ساعات الصباح الأولى بشكل رئيسي.
ولقد لفتني في تصريحات سمو الشيخ ناصر بعد الفوز تأكيده على أن «العمل الجماعي سر نجاح الفريق الملكي في تحقيق هذه الإنجازات»، وبهذا هو يعطينا درساً في التواضع والإيثار، فهو لا يقول أنا، بل يقول نحن، وهذه ربما تكون أحد أهم صفات القائد الملهم الذي يشحذ عزم وهمة من حوله ويجعلهم شركاء في الإنجاز.