ملك الإنسانية.. ملك القلوب

من نعم الله علينا أن نعيش في وطن يحكمه السلام وتسوده المحبة، أن يكون قائدنا وراعينا قدوة لنا وللعالم في الإنسانية والوفاء والعطاء، في النماء والاستقرار والازدهار، أن نحظى بهذا القائد الحكيم ذي الرؤية الصائبة السديدة، سليل الأمجاد، والمخلص لإرث الآباء والأجداد.

هل أقول بذلك الحق أم ربما يتهمني أحد بالرياء والتملق؟ والله إني أقول هذا الكلام من قلبي قبل عقلي، بل إنني أكاد لا أجد الكلمات المناسبة للتعبير عما كان يجول بخاطري من أفكار ومشاعر لدى حضوري حفل الإعلان عن نتائج جائزة «عيسى لخدمة الإنسانية»، وأسمع وأرى جلالة الملك المعظم يكرم الطيب النيبالي الفائز بهذه الجائزة.

كنت في غاية السعادة في قاعة الاحتفال وأنا أسمع الملك يتكلم بتلك الروح المحبة للإنسانية جمعاء، وكأنني أرى حمام السلام في كل مكان من القاعة يخرج منها ليبشر العالم بقيم السلام وقيم المحبة. لقد دخلت مشيا على الأقدام وخرجت وكأني أطير مع ذلك الحمام لأنقل رسائل الحب في كل مكان.

وكم كان مشهدا مهيبا، مشهد تقديم جلالة الملك الجائزة إلى الدكتور سندوك رويت، طبيب العيون فاتح الأبصار وداخل القلوب، ليس عيون وقلوب من عالجهم فقط، بل قلوب كل من عرفه وسمع قصته. وكم هو جميل ورائع أن تكرم البحرين رجلا بالكاد يعرفه الناس خارج وطنه، وأن تقدمه لجنة الجائزة بعد أن اكتشفته ليس في نيويورك أو لندن أو سدني، بل جبال نيبال، يعمل بصمت انطلاقا من حبه العميق لأخيه الإنسان.

وددت أن أرسل رسالة حب وتقدير لهذا الطبيب الإنسان، أن أقول له قد تكون ذا نفوذ كبير أو مال كثير، لكن ذلك لا يعني أن تحظى بالاحترام والمحبة التي يحظى بها مثل هؤلاء الأشخاص المتفانيين في عمل الخير والعطاء دون أي مقابل، لا يتطلعون إلى جزاء أو شكورا، وإنما عمل الخير لأجل الخير، خير ينبع من نفوسهم الصافية صفاء الماء العذب، وأرواحهم الطاهرة النقية من كل شائبة.

ولقد شعرت في عيون الملك المعظم وهو يعطي الجائزة للدكتور سندوك كم كان جلالته سعيدا، وشعرت أن دموع الفرح تكاد تنهمر من عيني جلالته، وكم كان فخورا بهذا الطبيب، وكم كان المشهد مهيبا وسط حضور رفيع المستوى إلى أبعد من أعضاء الحكومة والبرلمان ورجال الاقتصاد والأعمال. شعرت بأن جلالته يعطي الجميع درسا في كيف يكون الإنسان إنسانا.

لقد تربى الملك المعظم على يد محبة، يد والده الشيخ عيسى بن سلمان طيب الله ثراه، والذي تشرفت بلقائه العديد من المرات، وكنت في كل مرة أراه فيها أتكلم معه ويكلمني بكل بساطة ودون أي حواجز، إنه رجل لا تستطيع إلا أن تحبه لأنه في الواقع كان نفسا خالصة الحب والنقاء والإنسانية.

ولقد تشبع جلالة الملك من روح والده طيب الله ثراه، وعندما جاء ملكا ليخلف والده أطلق الكثير الكثير من المشروعات والمبادرات التي تبرهن على أنه خير خلف لخير سلف، بما فيها جائزة إنسانية عالمية تحمل اسم والده، وربما تمثل أفضل ما يمكن أن يذكر به اسمه رحمه الله.

وإن الأمر الملكي الذي أصدره صاحب الجلالة الملك المعظم في العام 2009 بإنشاء جائزة عيسى لخدمة الإنسانية هو رسالة تقدير واعتزاز للمغفور له الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، خاصة وأن جلالته يصر على التوسع في هذه الجائزة ليعزز عالميتها وتكرم أفضل إنجاز في خدمة الإنسانية.

قرأت كتيب جائزة عيسى لخدمة الإنسانية بتمعن، وعرفت أكثر كيف أن هذه الجائزة التي انطلقت في العام 2009 تمثل مبادرة ملهمة تعلي من قيم العطاء الإنساني وتقدر أصحاب المساعي الإنسانية الفريدة في العالم أجمع، وتجسد قيم الخير والعطاء والتسامح الراسخة في المجتمع البحرين، وكيف أصبحت هذه الجائزة العالمية بعد نحو 14 سنة على إطلاقها تشغل مكانة مرموقة بين الجوائز العالمية.

وركزت على رؤية الجائزة التي تركز على السعي إلى تقدير ومكافأة إسهامات أولئك الذين يريدون تغيير العالم نحو الأفضل من خلال علمهم وعملهم الدؤوب المتفاني والمبتكر الذي يساعد في استعادة الثقة بالروح الإنسانية الخيرة، وفي تحقيق عالم أفضل إنسانياً لأجيال المستقبل، وخلق وعي بالمساعي الإنسانية غير العادية عبر العالم، وإلهام وتشجيع المزيد من الناس لتحقيق التفوق في هذه المساعي.

وكم هي سامية أهداف هذا الجائزة الرامية إلى استكشاف مواطن الخير الخبيئة عبر العالم لدعم ومساندة وتكريم المتميزين في الخدمة الإنسانية وإبراز أعمالهم والاحتفاء بها، وأنها تمنح تكريما للذين تميزوا في خدمة الإنسانية جمعاء، بغض النظر عن انتماءاتهم أو معتقداتهم، مؤكدة انفتاحها الإنساني على مختلف الأجناس والأديان واقتصارها على الخدمات الإنسانية.

إن جائزة عيسى لخدمة الإنسانية تشكل رسالة تقدير وعرفان لكل أصحاب الأعمال الإنسانية الجليلة التي امتد تأثرها ليشمل قطاع عريض من الأشخاص، وتعمل على إبراز ودعم الجهود الإنسانية في مختلف أنحاء العالم، كما تجسد أيضا قيم التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية الراسخة في مجتمعاتنا فمعايير الفوز بها لا ترتبط بجنس أو معتقد أو عرق محدد، وإنما تتوجه لكل أصحاب الأعمال الإنسانية النبيلة وتقدم لهم الدعم اللازم لمواصلة مسيرتهم في خدمة البشرية جمعاء.

ماذا يعني حرص جلالة الملك المعظم على أن يحضر شخصيا حفل توزيع هذه الجائزة في كل دورة من دوراتها، وأن يحرص على إحاطتها بهذا المستوى من الأهمية؟ وأن تكون الجائزة بهذا القيمة التي تصل إلى مليون دولار أمريكي وميدالية من الذهب الخالص وشهادة تقدير عليا من جلالته شخصيا؟ ألا يدل كل ذلك على أن حب الخير وفاعليه، والوفاء أصيل في نفس جلالته؟

صدقوني لا أبالغ إذا أقسمت بالله أنني لم أقدر قائدا مثل قائدنا، لأنني أحب إنسانيته، وأرى أن نموذجه القيادي الإنساني هو الحل الوحيد والطريق الوحيد لإنهاء كل المشاكل والحروب والفتن التي لا أعرف لماذا يختارها العالم طريقا باهظ الثمن بينما المحبة بالمجان.

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s