ما أجمل البحرين وهي تحتفي عاما بعد عام بأعيادها الوطنية المجيدة، وتحقق المزيد والمزيد من الإنجازات في جميع المجالات وعلى مختلف المستويات، ويواصل البحرينيون التفافهم حول الرؤية الاستباقية السديدة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله، وتأييدهم لخطط وبرامج الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
منجزات حضارية كثيرة حققتها البحرين خلال العقدين الماضيين، وكنت محظوظا بأني أتابع عن كثب هذه المنجزات، وأهمها، وفي صدارتها، وعلى رأسها، هو تخطي التحديات الأمنية الخطيرة بنجاح، والخروج منها أقوى، فما ننعم به الآن من نعمة الأمن والاستقرار ليس أمرا بسيطا يتحقق من تلقاء ذاته، بل بتخطيط ورؤية حكيمة وقيادة حصيفة من جلالة الملك وأبناء البحرين الأوفياء الذين وقفوا مع ملكهم وبلدهم، ومنعوها من الانزلاق إلى ما انزلقت إليه دول الخريف العربي، ولنا في ليبيا وسوريا وحتى في العراق ولبنان عِبرة، وعَبرة.
أما باقي المنجزات، الحضارية والعمرانية والاقتصادية والثقافية والصحية والإسكانية، والقائمة تطول، فهي منجزات نعايشها كل يوم، ونستفيد منها في كل يوم، والأرقام والمؤشرات الدولية تشهد على ذلك، بل يكفي أن ننظر إلى الأوضاع المعيشية الآن حتى في الدول الأوربية لندرك في أي نعمة من الله نحن.
في هذه الأثناء، نستذكر كلمة جلالة الملك المعظم أمام مجلسي الشورى والنواب الأسبوع الماضي، والتي تبعث على الفخر والاعتزاز، وترسم خارطة طريق واضحة المعالم أمام مزيد من التطور والارتقاء بمختلف القطاعات في مملكة البحرين، سواء على صعيد الانفتاح على العالم الخارجي وتدعيم شبكة علاقاتها مع الحلفاء والأصدقاء أو على صعيد التحديث السياسي ومواصلة استكمال مقومات العمل الديمقراطي، وتحقيق التنمية الشاملة بأبعادها المختلفة البشرية منها والاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن السياسية.
والاحتفال بالأعياد الوطنية أيضا فرصة لاستذكار المنجزات المهنية المختلفة التي ساهمت في إحداث التغيير، فالتنمية التي تحققت في البحرين لامست المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وقد استطاعت مملكة البحرين جذب أنظار العالم بخططها النوعية وعمل فريق البحرين بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، فالبحرين كانت ولا تزال بلد الانفتاح والشفافية والتطوير والحضارة.
وإن فرحة المواطنين والمقيمين باليوم الوطني بالأعياد الوطنية، تأتي في إطار ما يلمسه المواطنون من مسيرة تنموية شاملة في مختلف المجالات الحقوقية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وبناء مجتمع يسوده الأمن والاستقرار، وتحقيق العدل الذي يدعم تطور المسيرة الديمقراطية ونجاح جهود التنمية الشاملة.
فالبحرين بلد صغير جغرافيا، موارده ليست بحجم موارد أشقائه في دول الخليج العربي، لكنه كبير سياسا، ولديه حضور في الملفات الدولية الكبرى، ويدير ملفاته الداخلية وعلاقاته الخارجية بحنكة، محققا بذلك أهدافه الاستراتيجية القصيرة والطويلة المدى.
لقج توقفت الأسبوع الماضي عن خبر شد انتباهي، وهو إدراج البحرين للمرة الأولى في تصنيف المواهب العالمية 2022 الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، وجاءت في الترتيب 35 عالمياً، وتم تصنيفها ضمن أفضل 15دولة على مستوى العالم في 13مؤشراً ضمن التصنيف، فماذا يعني هذا الكلام؟ يعني أن البحرين لديها المورد الأهم، مورد العقول التي تفكر والأيادي الماهرة التي تعمل، وهذا ما يجعل التطور مستداما، لأنه مرتبط بموارد لا تنضب.
وعند الحديث عن الموارد البشرية، لا بد من التوقف عند شباب البحرين الذين يحظون باهتمام كبير بجهود وهمة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية، ومشروعات سموه المهمة مثل صندوق الأمل لدعم المشروعات والمبادرات، وجائزة الملك حمد لتمكين الشباب لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وقمة الشباب وغيرها.
أيضا، لا بد هنا من التوقف عند الإنجازات التي تحققها المسيرة المشرفة، والمشرقة، للمرأة البحرينية، والتي أثبتت دورها الكبير في حركة البناء والتنمية بمختلف قطاعاتها، وأنها شريك متكافئ مع شقيقها الرجل في الفرص، حيث استطاعت المرأة أن تصل إلى مناصب قيادية سبقت نظيراتها في العديد من الدول المتقدمة، ويحسب لمملكة البحرين الريادة والسبق، وأن استحضار الدور الذي تميزت به المرأة البحرينية في مختلف القطاعات سواء على صعيد القطاع العام أو الخاص عكس ما أولاه جلالة الملك المفدى للمرأة البحرينية من اهتمام، ومن دواعي الفخر وجود ثمانية نائبات من أصل أربعين نائبا، وعشر شوريات من أصل أربعين شوريا، خمسة وزيرات من أصل 23 وزيرا.
لقد كانت البحرين عبر التاريخ مركزا تجاريا واقتصاديا متقدما، ثم جاء المشروع الإصلاحي ليضع الأطر العملية لتعزيز مكانة البحرين وتكريس ريادتها على مستوى المنقطة، فقد شهدنا حركة جذب استثمارات أجنبية كبيرة، وأنا شخصيا حرصت على نقل جانب كبير من استثماراتي المختلفة إلى مقري الرئيسي في مملكة البحرين، خاصة مع إصدار سمو ولي العهد رؤية البحرين الاقتصادية 2030 والتي باركها جلالة الملك، حيث أصبح الطريق واضحا ومختصرا أمامنا كرجال أعمال في كيفية تعزيز مساهمتنا في تطوير بلدنا.
وإننا ننظر إلى ذكرى العيد الوطني وعيد الجلوس بعيون ملؤها الفخر والاعتزاز وتجديد الولاء لهذا الوطن الغالي وحكومته الموقرة، منوهين بأركان مسيرة التنمية في المملكة وتعزيز مكانة مملكة البحرين على الساحة الدولية، فالبحرين نجحت في وضع اسمها على خارطة الدول المتقدمة متطلعين لحراك تطويري مدروس في جميع المجالات وفتح آفاق واسعة للإنجاز والتغيير، وتمكنت من زيادة رصيدها من المنجزات النوعية وترسيخ قيم اجتماعية ثقافية وحضارية تميزت بها عبر تاريخها من انفتاح وحقوق الإنسان ومساواة.
إن وعي الشعب البحريني والتفاته حول قيادته وحكومته سيكسر أي صعاب حالية ومستقبلية، ولقد برهنت البحرين دائماً على مناعتها في وجه الأزمات بفضل حكمة قيادتها وتلاحم شعبها ووعيه، ومهما تبدلت الظروف والعوامل الخارجية ستبقى البحرين عصية على الطامعين، وبلد الأمن والأمان والاستقرار والازدهار، ونحن من جانبنا نؤكد استبشارنا بالعام القادم، 2023، مع إطلاق مشاريع تنموية جديدة، وإن دورنا كمواطنين في هذا البلد التفكير دائما في كيفية رفع مساهمتنا في الإنجاز، كل منا بحسب مكانته وإمكانياته.