أفكار على هامش لقاء وزيرة السياحة

انطلاقة موفقة لوزيرة السياحة سعادة السيدة فاطمة الصيرفي من خلال تدشينها اللقاء التشاوري الأول بين وزارتها من جهة وأصحاب المنشآت السياحية في القطاع الخاص من جهة أخرى، وخلال مشاركتي في هذا اللقاء راودتني العديد من الأفكار، تحدثت عن بعضها، وفكرت في سؤال جوهري، هو “لماذا يأتي السائح للبحرين”؟

يبدو أن هذا السؤال واضحا سهلا، لكنه في واقع الأمر ليس كذلك على الإطلاق، والعارفون بالسياحة والمشتغلون فيها يدركون تماما ما أعنيه، ولا شك أن الوصول لمعرفة دقيقة بناء على أساليب علمية حول أسباب قدوم السياح للبحرين تجعلنا نعيد صياغة أولوياتنا وإطلاق خططنا وبرامجنا وتطوير قطاعنا السياحي ككل بناء على ذلك.

طبعا ليست هناك إجابة واحدة على هذا السؤال، فربما تكون الأولوية للتسوق أو السهر أو حضور حفلة أو فعالية أو انجاز أعمال أو مجرد “تغيير جو”، لذلك أقول إن معرفة أولويات أكبر عدد من السياح تحدد توجهاتنا السياحية فيما إذا اردنا بناء المزيد من مراكز التسوق، أو إقامة المزيد من المهرجانات مثلا.

لكن التحدي يبقى قائما، فهذه الأمور كلها موجودة في دول أخرى تنافسنا سياحيا، وربما بتنوع أكثر وأسعار أقل، فنجد نفسنا هنا أمام حلين: إما أن نقلد ما تقوم به تلك الدول من برامج وفعاليات سياحية وهنا لن نحقق الفائدة المرجوة كاملة لأننا نستنسخ تجارب عاشها السياح في أماكن أخرى ربما بإثراء أكبر، رغم أنني أؤكد أن إقامة فعالية مستنسخة أفضل بكل تأكيد من عدم إقامتها.

الحل الآخر هو أن نبتكر في تقديم منتج سياحي فريد من نوعه، لا يتوفر إلا في البحرين، وهذا مهمة العاملين في وزارة السياحة بالدرجة الأولى، لكن لا ضير من التشاركية في الأفكار مع القطاع الخاص، الذي يتحمل أيضا جانبا من المسؤولية في منح السائح تجارب مختلفة متميزة، لا أن تكرر الفنادق والمطاعم وشركات الترفيه ذاتها. ودعوني هنا أفكر بصوت عالي، أقدم مقترحات لمنتجات سياحية بحرينية خالصة، فربما يسهم ذلك في قدح شرارة أفكارنا.

من ذلك أنه ربما تكون الطيبة من أميز الخصال التي يتفرد بها الشعب البحريني عن غيره، إضافة تواضعه وانفتاحه، وأخلاقه في التعامل والبيع والشراء وقيادة السيارة في الشارع، وهذه من الأمور التي تجذب السائح وتشعره بالراحة والاطمئنان، وتحببه بالبلد وتجعله يحمل أجمل الانطباعات عنها، فإذا اتفقنا على هذه “الميزة السياحة” دعونا نروج لها إقليميا ودوليا بمختلف الطرق، بما فيها الأغاني والأفلام والدراما.

امتداد العائلات البحرينية في دول الخليج العربي ربما يكون ميزة أخرى، وهنا يمكن إطلاق منتج سياحي تحت مسمى “سياحة البيت العود” مثلا، ندعوا فيه أهلنا في دول الخليج العربي لزيارة أقاربهم هنا، ليست مجرد زيارة عائلية، وإنما نصمم لهم برنامجا سياحيا متكاملا، لنقل أنه يشمل تخييم، ورحلة بحر، وأكل بحريني تراثي، بحيث نضمن لهم، ولمستضيفنهم، تجربة فريدة من نوعها.

قد يعتقد البعض أن صغر مساحة البحرين جغرافيا يمثل عائقا أمام ترويجها سياحيا، لكن هذه باعتقادي “ميزة سياحة” ثالثة. بإمكاننا أن نقول للسائح إنه عندما تأتي للبحرين ستتمكن من تجربة أمورا كثيرة دون أن تهدر وقتك في التنقل، فربما تختار أن تركب رحلة بحرية في المحرق شمالي المملكة في الصباح، وتزور المتحف وقلعة البحرين عند الضحى، وتختار الغداء والسباحة والاستجمام على ساحل المنامة، ثم تشاهد سباقا للسيارات على حلبة الفورمولا بالصخير، لتحضر بعد حفلا أو أمسية في مكان آخر، ثم تكمل باقي السهرة مع أصدقائك، وكل ذلك ولم ينقضِ بومك بعد، لتبدأ غدك ببرنامج آخر حافل يتضمن المول والسينما ومجمع 338 بالعدلية وغير ذلك.

ربما أكون اجتهدت في تقديم تلك الأفكار، أخطأت أو أصبت، المهم أني حاولت، وربما نتفق أو لا نتفق عليها، لكن ما يجب أن نتفق عليه أن الدول المحيطة بنا أصبحت أكثر إلحاحا ونجاحا في استقطاب السياح، بما فيهم السياح البحرينيين، وقد خسرنا ميزات سياحية كثيرة بما فيها السينما، بالمقابل تشهد المملكة العربية السعودية الشقيقة، والتي كانت المصدر الرئيسي للسياح الوافدين للبحرين، انفتاحا كبيرا بدء منذ السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة ولم ينتهِ موسم الرياض ورحلات السفاري في العلا وجبال عسير وغيرها.

وكما نجحنا في تخطي تحديات كبيرة، كان آخرها جائحة كورونا، بإمكاننا أن ننجح في تخطي تحدي النهوض بقطاع السياحة مجددا، والاعتماد على هذا القطاع في توليد المزيد من فرص العمل للمواطنين ودعم الناتج المحلي الإجمالي، فالسياحة مورد لا ينضب.

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s