البحرين.. تجدد مستمر

تتسم مملكة البحرين بالحيوية والتجدد، والقدرة على أن تكون سبّاقة في الكثير من المسائل، وتلبية تطلعات شعبها بالتطوير والازدهار، وقد برز هذا الأمر في أبهى صوره مع إطلاق المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم مع تولي جلالته مقاليد الحكم في مارس من العام 1999، والذي تمت ترجمته على أرض الواقع في ميثاق العمل الوطني ثم الدستور، ثم انطلاق ورشة بناء وطني بمشاركة الجميع، وتشكيل إرادة وطنية تسير بالبحرين دائما نحو الأمام وتجاوز أكبر التحديات والعبور بالبلاد نحو بر الأمان.


وأنا أنظر إلى التعديل الوزاري الجديد بالأمر الملكي السامي من حضرة صاحب الجلالة العاهل المعظم، وبقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء الموقر، على أنه امتداد لهذا المشروع الإصلاحي، ونقلة نوعية نحو بحرين تحظى بمزيد من التطور والازدهار الذي ننشده جميعا. ودائما ما يحمل معه التغيير مفاجآت ويفتح الباب أمام التأويلات، لكنه ضروري، وضروري جدا، وإلا أصابنا التكلس والجمود.
أعرف شخصيًا كثير من الوزراء الجدد، ويمكنني أن أؤكد أن أعضاء التشكيلة الحكومية الجديدة كلهم من ذوي الخبرة والكفاءة الجيدة إن لم تكن الممتازة على مستويات مختلفة، وأؤكد أن الحكومة الحالية تزخر بكفاءات ستعمل بلا شك على الاستجابة لتطلعات الشعب البحريني، ستكون حكومة عمل ونتائج، وتعي تمامًا تطلعات المواطنين، وتعمل على معالجة القضايا الكبيرة المطروحة.
وأود الإشادة بشكل خاص بالشباب في الحكومة الجديدة، فالشباب نصف الحاضر وكل المستقبل، وإعطاء الشباب حقائب وزارية مرتبطة بالملفات الرئيسية وتصب في مصلحة الوطن والمواطن، وبما يسهم في تجديد الدماء للخروج بأفكار وحلول جديدة نظراً لما يملكه الوزراء الجدد من مخرجات تعليمية وخبرات تتناسب مع مناصبهم.
أنا لست خبيرًا في الذكاء الصناعي، ولا في تطبيقات الهاتف النقال، لكني أدرك تماما أن مستقبل الشركة التي أرأس مجلس إدارتها مرتبط بالاستثمار في هذا التطورات التقنية، لذلك أحرص على استقطاب الشباب ذوي الأفكار النيرة وتوظيفهم ومنحهم المساحة الكافية للابتكار والابداع. فأنا لا أقول لهم ماذا أريد منهم، بل أقول لهم إنني وظفتهم حتى يخبروننا هم ماذا نفعل وكيف نطور شركتنا وخدماتنا وأعمالنا.
هذا ما ننتظره من الشباب البحريني في الحكومة، ليس على مستوى الوزراء فقط، بل على جميع المستويات، بما فيها المستويات الإدارية المتوسطة والدنيا، خاصة وأن التنافسية مفتوحة من أجل تقديم الأفضل.
كما أن حضور المرأة الكبير في التعديل الوزاري الجديد حدث مهم لا يمكن إغفاله، فارتفاع عدد الوزيرات في الحكومة من واحدة سابقًا إلى أربعة حاليًا إنما يعكس المكانة الرفيعة التي وصلت إليها المرأة البحرينية، وجدارتها بتولي أرفع المناصب، ويؤكد ثقة البحرين بقدرة نسائها على العطاء والعمل والانجاز، كما يقدم للعالم صورة حضارية عن البحرين التي تقف فيها المرأة إلى جوار الرجل في ميادين العمل والإنتاج والإسهام في نهضة الوطن وتنميته.
هذا يعني أن التعديل الوزاري الجديد يعكس حالة مطلوبة من الجمع بين أصحاب الخبرة والتجربة مع الطاقات الشبابية، إضافة إلى تعزيز حضور المرأة، وتستجيب هذه التشكيلة لاحتياجات الحاضر ومتطلبات المستقبل، خاصة وأن مملكة البحرين تعمل على مجموعة من الملفات الحيوية ذات الصلة بالإسكان والصحة والسياحة، وخلق المزيد من فرص العمل والتركيز على التحول الرقمي وانتقالات الطاقة، وتعزيز الاقتصاد الأخضر والحوكمة في الأداء الحكومي، وغيرها.
ثم أن البعض يتساءل: لماذا 23 وزيرًا لبلد صغير جغرافيا مثل البحرين، فيما كان التوجه سابقا نحو تقليص الجهاز الحكومي ليكون أكثر مرونة وكفاءة؟. في الواقع نحن ليس لدينا جميع المعطيات التي بنى عليها صاحب القرار قراره، وإنما نحكم بناء على معطيات ومعلومات قديمة أو غير محدثة، لكن كلنا ثقة بأن ما يتم اتخاذه من قرارات هي في مصلحتنا كمواطنين وفي مصلحة حاضر ومستقبل البحرين.
وإن تعمقنا في التفكير قليلًا سنجد أن فصل السياحة عن التجارة والصناعة إنما يأتي في سياق حرص الحكومة على تنمية القطاع السياحي وزيادة قدرته على المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي وتنويع مصادر الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل المجزية للمواطنين، ولا شك أن الوصول لهذه الأهداف سيكون أسرع من خلال وزارة متكاملة، والبناء على ما تحقق خلال الفترة السابقة في إطار الأهداف الطموحة التي تضمنتها استراتيجية البحرين السياحية 2022-2026.
التغير الذي حدث في شؤون البلديات أيضا سيعطي الوزارة فرصة أكبر للتركيز على هذا الملف الحيوي، والذي يعتبر أساسًا في التطوير الحضاري للمدن والمجتمعات، إضافة إلى إحداث وزارة للتنمية المستدامة لتكون البحرين سباقة في الوصول إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أعلنت عنها الأمم المتحدة.
لا بد من الإشارة إلى توقيت هذا التغيير الوزاري، وهو توقيت مهم، بل على درجة كبيرة جدًا من الأهمية، فعلى الصعيد الداخلي لدى البحرين خطة للتعافي الاقتصادي وتلافي الآثار السلبية لجائحة كورونا، ومع تحسن أسعار النفط يبدو أن موعد تحقيق التوازن في الميزانية العامة والتخلص من الدين العام أو جزء كبير منه بات أقرب، إضافة إلى تنفيذ الاستراتيجيات الطموحة للقطاعات الواعدة مثل السياحة والصناعة والخدمات المالية والمصرفية وتقنية المعلومات والتحول الرقمي.
التوقيت مهم أيضا على الصعيد الخارجي، فالعالم اليوم يمر بتحولات كبيرة وقاسية، أحد أبرز عواملها الحرب الروسية في أوكرانيا، إضافة إلى التضخم وارتفاع أسعار كل شيء بما فيه الغذاء، وعراقيل سلاسل الأمداد وغير ذلك، ونحن لم نشعر كثيرًا بهذه التحديات في البحرين لما تقوم به حكومتنا الموقرة من جهود لوقايتنا من الآثار السلبية لتلك التحولات.
التعديل الوزاري الجديد يحمل رسائل مفعمة بالإيجابية والأمل والحرص الكبير الذي تبديه الحكومة على التطوير والتجديد والانطلاق بالعمل الحكومي لآفاق رحبة من العطاء والإبداع والابتكار، وللمزيد من الإنجازات والمكتسبات الوطنية الجديدة.
نحن واثقون من أن الحكومة بقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء وفي إطار «فريق البحرين» حققت الكثير من الإنجازات خلال الفترة الماضية، والتشكيل الوزاري الجديد جاء مكملاً لما تم البناء عليه سابقا، وقد شمل جميع المجالات، وركز على إعطاء الفرصة للمزيد من الكفاءات الوطنية لمواصلة العطاء والخروج بحلول جديدة قادرة على معالجة الكثير من التحديات الراهنة والمستقبلية وتحقق الأهداف التنموية المنشودة.

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s