المكتوب واضح من عنوانه

رسالة إرهابية عدوانية دموية جبانة أخرى تبعث بها إيران إلى جيرانها العرب باستهدافها السافر للعاصمة الإماراتية أبوظبي، في تأكيد جديد على عدم رغبة أو جدية ملالي إيران بتغيير نهجهم القائم على تصدير الثورة وزعزعة أمن واستقرار المنطقة والتدخل بشؤون دولها من خلال تبني ودعم الحركات والتنظيمات والأحزاب الإرهابية ذات الصبغة الطائفية.

لم تنفِ ضلوعها في الهجوم الأخير على أبو ظبي، بل إنها لم تقم بإدانة هذا الهجوم أصلا، وكذلك فعل النظام السوري الذي برهن مرارًا على عدم جدوى جميع المحاولات العربية لإعادته للحضن العربي، كما لم يخفِ حزب الله من خلال إعلامه فرحه بهذا الهجوم، بل إن الأمين العام لأحد الأحزاب العراقية المقربة من إيران بارك الهجوم صراحة وحرَّض على تكراره.

فكيف لقطعان الحوثي التي تقاتل بأساليب بدائية وتستخدم معدات وأسلحة استولت عليها من الجيش اليمني ذي التسليح السوفيتي المتهالك الذي يعود لخمسينات وستينات القرن الماضي، كيف لها أن تمتلك تقنيات متقدمة جدًا ترسل من خلال طائرات درونز محملة بالمتفجرات لآلاف الكيلومترات وتقصف أهدافا دقيقة في أبو ظبي؟! هل يصدق عاقل ذلك؟ أليس من الواضح تمامًا أن هذه الدرونز انطلقت من مكان ما على السواحل الإيرانية قرب أبوظبي أو من أحد الجزر التي تحتلها إيران في الخليج العربي أو ربما من سفينة إيرانية في الخليج؟! ثم لماذا لا يسمي المجتمع الدولي الأسماء بمسمياتها ويشير إلى مسؤولية إيران صراحة عن هذا الهجوم الإرهابي؟

وما استوقفني أكثر هو أسماء الأسلحة التي ادعت جماعة الحوثي أنها استخدمتها في هذا الهجوم، وهي بحسب ما قالت الجماعة أربع صواريخ مجنحة نوع «قدس-2» استهدفت مصفاة النفط في المصفح ومطار أبوظبي، إنها صواريخ تحمل اسم القدس لكنها تستهدف أبو ظبي!، وصاروخ باليستي آخر اسمه «ذو الفقار»، وطائرة «صماد» المسيرة.

ألا يفكر قادة إيران بالدماء البريئة التي أراقها هذا الهجوم؟ عاملان من باكستان، وآخر هندي، ذهبا ضحايا الهجوم، فيما أصيب عمال من عدة جنسيات من بينهم اثنين من العمالة المصرية، لا ذنب لهم سوى أنهم تواجدوا في المكان الذي استهدفت تلك الطائرات وكانوا يبحثون عن لقمة عيشهم وعيش عائلاتهم؟! في الواقع يبدو أن سؤالي هذا ساذجا، لأن ملالي إيران أثبتوا عبر تاريخهم عدم اكتراثهم بسفك دماء الإيرانيين أنفسهم عندما أعدموا الآلاف ونشروا الرعب لتوطيد أركان ثورتهم، فضلاً عن الدماء التي تسفك على يدهم أو بسببهم في سوريا والعراق ولبنان واليمن ومناطق أخرى كثيرة، عدا إسرائيل طبعًا التي يدعون عداءها.

السذج فقط هم من يعتقدون أن إيران لديها مشروع إسلامي جامع أو أهداف إنسانية في اليمن وسوريا ولبنان والعراق أو أن هدفها دحر الإمبريالية وتحرير القدس، بل إن الهدف الواضح هو ضرب العالم العربي، وإثارة النزاعات والفتن في دوله، ليس في دول ما يسمى بالهلال الشيعي فقط، بل حتى في مصر والمغرب وموريتانيا والسودان والصومال، فحيثما وجد العرب وجد العداء الإيراني لهم.

إن ما يتبناه ملالي إيران ليس عقيدة إسلامية كما يدعون، فالإسلام قائم على التسامح والتآخي وخير الأمة والبشرية وحرمة الدم، وإنما هو عقدة، عقدة تميز العرق الفارسي على باقي الأعراق في المنطقة، عقدة ارتفاع شأن العرب بعد مجيء الإسلام وانتصارهم في معاركهم مع الفرس، عقدة النهضة التنموية الحضارية التي تشهدها دول الخليج والرخاء الذي تعيشه شعوبها، عقدة عدم القدرة على الإمساك بتلابيب الحكم والسيطرة على الشعب الإيراني المسكين إلا من خلال العبث بعقائده وتحريفها وتفسيرها وفقا لمصالح الملالي.

الدرس العراقي كان قاسيًا علينا جميعًا كعرب، لكن على إيران أن تعي أنه أصبح قاسيًا ومكلفًا بالنسبة لها أيضًا، خاصة وأن الشعب العراقي عامة، بسنته وشيعته، يريد خدمات وكهرباء وبنية تحتية وصحة وتعليم جيد لأبنائه، وليس شعارات طنانة وديماغوجية وماورائيات، وأصبح الوجود الإيراني في العراق يترنح أكثر وأكثر، وأدرك الجميع بما فيه إيران نفسها أن العراق لن ينهض إلا بالعودة لحضنه العربي.

حال العراق في ذلك حال لبنان الذي وقع فريسة لأطماع إيران عبر ذراعها حزب الله الذي ربما يصحى ذات يوم ويعود لبعده العربي، وحقيقة القول إن وجود حزب الله كدولة داخل دولة وامتلاكه قوة عسكرية أكبر من الجيش اللبناني ذاته وسيطرته المطبقة على كثير من مفاصل الدولة بالترهيب تارة والترغيب تارة أخرى، جعل من لبنان دولة فاشلة، وأدى إلى ضعف وتشرذم باقي القوى السياسية، وأصبحت التشاركية في الحكم وفقًا لاتفاق الطائف لا معنى لها، وهو ما رفع من معدلات الفساد واللامبالاة بمستقبل لبنان بين معظم الطبقات السياسية، إذًا لا معنى لبذل أي جهد إصلاحي طالما أن حزب الله يحمل المسدس الأكبر فيما يسند الباقون رأسهم إلى الجدار، وكانت النتيجة أن إيران تمكنت من بسط سيطرتها على لبنان لكن البلد انهار أو يكاد، حالها حال الجراح الذي خرج من غرفة العمليات يقول بأن العملية نجحت، لكن المريض مات!

بعد كل الأحداث المؤسفة والكوارث الأليمة التي عشناها خلال السنوات الأخيرة أصبح واضحًا للجميع بأن العراقي العربي أقوى، وأن اللبناني العربي أقوى، وأن السوري العربي أقوى، ومهما كانت ظروف اليمن يظل اليمني العربي سيد الموقف، قد يتراجع لفترة وجيزة تحت ضغط إيراني بذراع حوثي لكنه لا يموت، وقد أثبتت الانتصارات الأخيرة التي يحققها التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن أنه يمكن الاعتماد على القوات اليمنية الشرعية التي تقاتل على الأرض، وأن مزيدًا من العمل العربي، العسكري الاستخباري اللوجستي التكتيكي يمكن أن يكسر الحوثيين ويرغمهم على الانصياع إلى الشرعية وإلى إرادة الشعب اليمني الذي ينشد مستقبلاً أفضل بدعم من شقيقته الكبرى السعودية وليس من إيران الخراب.

طالما آمنا بالحوار والتآخي مع الجميع، وفي مقدمتهم جيراننا في المنطقة الذين نتشارك معهم الدين والمصلحة، وعلمنا على أن يحل السلام والتجارة والزيارات المتبادلة مكان الحروب والتدخلات والقطيعة، لكن في كل مرة نتأكد فيها أكثر إن إيران الثورة لن تغير نهجها أبدًا مهما تغيرت وجوه ملاليها وحكوماتها، ولا حل لدينا سوى امتلاك القوة الرادعة لإيران ولجميع الطامعين بنا ومن يحسدوننا على رغد عيشنا.

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s