ما بني على باطل فهو باطل

لست شيوعيا، لكني أحب مقولة للمفكر كارل ماركس الأب الروحي للشيوعية يشير فيها إلى أن الأفكار أو الأطر أو السياسات التي تكون في وقت من الأوقات ثورية وضرورية جدا لعبور مرحلة من تتحول بعد فترة من الزمن إلى أفكار وأطر وسياسات بالية تعيق التقدم نحو الأمام، وهذا ينطبق على اتفاقية الطائف التي وقعها أمراء الحرب اللبنانيون في العام 1989.

وركون العرب إلى هذه الاتفاقية كمرجعية كان جيدا في فترة من الفترات، لكننا لم ننتبه إلى أن لبنان أخذ في السنوات الأخيرة ينزلق شيئا فشيئا من أيدينا حتى بات تحت سيطرة حزب الله بشكل شبه كامل، وما دخول صهاريج المازوت الإيراني عبر سوريا إلى مناطق حزب الله إلا أحدث دليل على ذلك، رغم أن الرئيس ميقاتي صرح بأن هذا الأمر حدث دون إذن حكومته، وأضاف أن لبنان لا زال يبحث عن الأخ العربي الأكبر الذي يرعاه.

أعرف السيد نجيب ميقاتي جيدا منذ كنا على مقاعد الدراسة، وأعرف تماما أنه رجل لا تنقصه الوطنية وحب بلده، لكن هل سيستطيع وحيدا إعادة توجيه دفة سفينة لبنان نحو الشواطئ العربية؟ وما الذي سيصنعه حتى يقنع العرب بأهمية دعم أخيهم الأصغر مجددا؟ وكيف سيضمن أن هذا الدعم لن يصب في مصلحة الميليشات أعداء العرب وأصدقاء المشروع الإيراني في لبنان؟

إن انتشال لبنان من قاع الحضيض الذي وصل إليه ليس مهمة سهلة أبدا، فقد عاد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى المستوى الذي كان عليه قبل العام 1992، والطبقات السياسية المتوالية أعادت البلاد إلى ما كان عليها قبل 30 عامًا ولم تخلق ذرة واحدة من الثروة الإضافية لكل مواطن.

حالتنا الاقتصادية والاجتماعية والمالية أسوأ من بلد خرج للتو من 15 عامًا من الحرب الأهلية المدمرة في عام 1990. في ذلك الوقت لم يكن لدينا نظام مصرفي مفلس ولم يكن لدينا مثل هذا الدين المعطل، ولكن تمت حماية مدخرات الناس في البنوك من خلال نظام مصرفي قوي على الرغم من سنوات الحرب، في حين أن أكثر من 100 مليار من مدخرات الناس والدولار الأمريكي قد تبخرت الآن وأصبحت مجرد أرقام في نظام مصرفي متهاوي. لقد دمروا الركيزة الأساسية للاقتصاد اللبناني، وأفقروا شعب كامل وأضاعوا كل مدخراته.

واحدة من أكبر المشاكل في لبنان ما بعد الحرب كانت البنية التحتية المهدمة بسبب الحرب، لكن بعد 28 عامًا من الحرب وفي العام 2017 تحديدا صنف المنتدى الاقتصادي العالمي لبنان الدولة رقم  130 دولة من أصل 137 دولة من حيث جودة البنية التحتية الشاملة، مما يعني أن 95٪ من دول العالم لديها بنية تحتية أفضل، فما الذي فعلته الحكومات على مدى 30 عاماً؟ هل يمكنك أن تستوعب مدى الفشل على جميع مستويات الطبقات السياسية. نحن دولة منهارة، يرجى تفهم أن تسمية بلد ما بالدولة المنهارة أو الفاشلة هو أسوأ موقف يمكن أن تدخله دولة ما.

لقد فشلنا، لقد خضنا 15 عامًا من الحرب الأهلية على أيدي مجموعة من رجال الميليشيات القتلة، وبدلاً من محاسبتهم قمنا بترقيتهم من أمراء حرب إلى رجال دولة.

إذن لدينا هذا الكارتل، هذه الأوليغارشية أو القلة الحاكمة التي تشارك غنائم لبنان ما بعد الحرب ، مع تجاهل تام لأية رؤية لبناء الدولة وأي نموذج اقتصادي منتج أو ازدهار أو نمو. لقد استولت هذه المجموعة السياسية الجديدة على مؤسسات الدولة ودمرتها باستمرار من خلال السياسات الطائفية مع الإفلات التام من العقاب وعدم المساءلة الكاملة، وحولوها إلى نموذج أعمال خاص وأدوات لخدمة المصالح الخاصة وأجندتهم السياسية الخاصة من خلال الفساد والتواطؤ والمحسوبية.

 السنوات الخمس عشرة الأولى كان النظام تحت رعاية الاحتلال السوري وسيطر عليه، حيث تواطأت الطبقة السياسية بأكملها وخدمته وتعاونت معه، والخمسة عشر عامًا التالية تغلب النفوذ الإيراني على النظام بشكل تدريجي من خلال حزب الله.

رئيس مجلس إدارة مجموعة بروموسِفِن القابضة

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s