مــــــاذا بـــعــد الــطــوفــــان؟

الفقراء والأغنياء، السود والبيض، المؤمنون واللادينيون، الناس بفئاتهم ومشاربهم وتوجُّهاتهم كافة، يواجهون على الأرجح أكبر تسونامي في حياتنا.

هذا ما كتبته الأسبوع الماضي في رسالة بعثت بها إلى جميع زملاء المهنة من العاملين في مجال الاتصالات التسويقية في البحرين والإمارات والسعودية وجميع أنحاء العالم، وأعتقد أن الرسالة تصلح أيضًا لجميع أصحاب المهن والأعمال، لذلك أسمح لنفسي بإعادة نشرها هنا في هذا المقال

لقد ظهرت علينا قوة خارجية فرضت واقعا جديدًا، وسواء كان ذلك يحدث كل مائة عام أم لا وما إذا كان متوقعًا أم لا، فإن ما حدث قد حدث بالفعل، ونتأثر به جميعًا بالطريقة نفسها.

أنا واثق من أننا سنجتاز هذه الأزمة؛ إن لم يكن جميعًا فمعظمنا على الأقل، ولكن حتى ذلك الحين، علينا أن نتعلم كيف نعتني ببعضنا البعض وكيف نظهر التعاطف تجاه بعضنا البعض بأي طريقة كانت، مهما كَبُرتْ أو صَغُرتْ، يجب أن نساعد بعضنا البعض. حتى مع وجود دولار واحد لا يزال بإمكاننا إحداث فرق في حياة أولئك الذين لا يملكون المال؛ إنهم بحاجة إليك، لذا لا تمنح المال فقط، بل امنح العطف والإحسان أيضًا، وكن سعيدًا عندما تبادر بالعطاء.

أنا متأكد من أننا سوف نستيقظ من هذا الكابوس بعد فترة تطول أو تقصر، وسنكون مستعدين مرة أخرى لاستئناف حياتنا أو ربما ينطلق البعض منا في بداية جديدة، وسيظهر الحب والطموح مرارًا وتكرارًا كأهم المشاعر لدى البشر؛ مشاعر تميزنا عن كل مخلوق آخر على هذا الكوكب.

نحن، العاملون في مجال الاتصالات التسويقية في هذا العالم، سنقود العالم مرة أخرى ونجدد الأمل للملايين من خلال التحدث إلى إخواننا من البشر والتواصل مع بعضهم البعض، وسواء كان ذلك من خلال الكلمات أو الصور، فسوف نشعل شغف العيش وحب الحياة مجددًا، وسنكون سعداء لنشرنا السعادة.

لقد استيقظت اليوم مُدركًا أن الحياة التي قضيتها في الترويج للمنتجات والخدمات والعلامات التجارية والأسماء لم تذهب سدى، لقد وصلت إلى الكثير من الناس وساعدتهم بطرق عديدة. نحتاج إلى التطلع والوصول إلى طموحات أكبر حتى لو كان ذلك يرضي فقط حبًا متواضعًا لأنفسنا ولما تجلبه لنا هذه المنتجات والعلامات التجارية من راحة ورفاهية وسعادة.

يجب أن نترك مخاوفنا خلفنا، ونوقد جذوة الحماس وحب الحياة في الجميع. يجب أن نستعد للأوقات المقبلة لبناء الأمل مرة أخرى، ونعمل لنكون أفضل، ونزرع شغف حب الحياة في الناس من حولنا.

ستنفق الحكومات الكثير من المال لتعيد الاستقرار والنمو إلى الاقتصاد ومختلف أوجه الحياة، وستنفق العلامات التجارية أكثر من أي وقت مضى لتحفيز الناس على تعويض ما فاتهم من رفاهية في اقتناء المنتجات والحصول على الخدمات والتجارب خلال فترة مكوثهم في المنزل، لذلك يجب أن تكون جاهزيتنا في أعلى درجاتها لمواكبة تلك المرحلة المقبلة لا محالة.

أصدقائي وزملائي الأعزاء، العاملون في التسويق وخبراء الاتصالات التسويقية، أرجو منكم أن تكونوا على أهبة الاستعداد، وأن تجهزوا نفسكم وتشحذوا هِممكم لتحقيق أقصى فاعلية ممكنة في جميع الأوقات.

كان ما سبق نص الرسالة، واسمحوا لي أن أضيف عليها في هذا المقال شيئًا من تجربتي الشخصية في الحياة، فلقد بكينا لحظة ولدتنا أمهاتنا، قد يكون ذلك بسبب ألم ما، وقد يكون مفاجأة النور والحياة، وقد يكون البكاء حاجة أساسية للطفل ليتعلم التنفس، بعدها أصبحنا نسير بسرعة نحو مصير كل مخلوق، إلا وهو الموت، لذلك أقول إن التحدي الكبير أن نقبل الموت ونحبه كما نقبل الحياة ونحبها، فربما يكون الموت هو الجائزة وليست الحياة، لذلك لا يجب أن نموت في كل ساعة خوفا من الموت! فهذا يجعل طعم الحياة كطعم الموت، فالخوف يقتلنا كل لحظة أما الموت فيقتلنا مرة واحدة.

لقد سألت والدي ذات مرة وكان حينها قد جاوز الثمانين، كم عمرك أبي؟ فأجاب ثلاثة أشهر! وعندما استغربت من جوابه تابع بالقول: هذه الأشهر الثلاثة هي اللحظات السعيدة التي عشتها، أما باقي أشهر وسنوات حياتي فكانت تحديات ومتاعب ألهث في إيجاد حلول لها.

وأعترف بأنني أمضيت جزءًا من حياتي أخاف من التحديات التي أواجهها، فماذا لو لم يحصل ما أريد؟ وماذا لو كان التحدي أكبر مني؟ وكانت الموجة أعلى مني فتغرقني؟ ولكن في كل مرة كنت أخرج بحلول وأحقق النجاح.

لم تكن حياتي في بداياتها سهلة على الإطلاق، لذلك في كل مرة اتخذت فيها قرار بمواجهة المخاطر كنت أقول في قرارة نفسي إن الأمور لن تكون أسوأ مما كانت عليه، وهكذا كلما كبر التحدي كبرت طاقتي على التفكير في إيجاد حلول ومخارج، وازدادت فرحتي في كل مرة أخرج من الأزمة وأنجح في مجابهة التحدي، وكانت التحديات دائمًا تكبر كلما كبُرْت وكبرَت معي مسؤولياتي، وفي كل مرة كنت أشعر أنني أقوى.

واليوم أعيش، ونعيش جميعًا، تحديًا جديدًا من نوع آخر لم نختبره من قبل، لكننا سننجح في تجاوزه بمشيئة الله، فكم من بلاء أصاب البشرية على امتداد التاريخ!؟ وكم من تدهور في الأسواق وانكماش في الاقتصاد قد حصل حتى يومنا هذا!؟ ولكن البشرية لم تفنَ، بل خرجت أقوى وأقوى.

البشرية ليست مفهومًا لا يمكن إدراكه، بل هي حاصل مجموع أفرادها: أنت وأنا والآخرون، وضعف البشرية واستكانتها واستسلامها أمام هذا التحدي الجديد هو محصلة ضعفنا واستسلامنا نحن، وكذلك قوة البشرية وقدرتها على اجتياز هذا التحدي هي قوتنا وقدتنا نحن. نحن من يحدد ذلك، كل في موقعه وبحسب قراراته وقدراته، لذلك دعونا جميعًا نستثمر هذا الوقت الصعب بالاستعداد للاحتفاء بنجاحنا في اجتيازه بصبر وحب وتكافل وتفاؤل.

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s