“رب اجعل هذا بلدا آمنا”

لا نعمةً تفوق نعمة الأمن والأمان، ولقد قدَّم الله تعالى نعمة الأمن على نعمة الرزق في الآية الكريمة {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ}، وفي كل يوم يمر ونرى فيه ما آلت إليه الأوضاع في دول مثل ليبيا وسوريا والعراق نحمد الله تعالى ألف مرة على نعمة الأمن والأمان التي نعيشها.

ولا شك أن رجالا حكماء تمكنوا بنظرتهم الثاقبة وعزمهم وحلمهم وصبرهم ومرونتهم من تخطي كل المصاعب والمحن التي مرت بنا، على رأسهم جلالة الملك المفدى، وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد، معتمدين على الله ورجال أكفاء مخلصين من بينهم معالي وزير الداخلية الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة.

وإن منح معالي وزير الداخلية وسام الأمير نايف للأمن العربي من الدرجة الأولى يؤكد مرة أخرى أن العيون الساهرة على أمن الوطن والمواطن مفتوحة على آخرها، وتواصل النهوض بمسؤولياتها الكبيرة، وأنه بإمكاننا جميعا الاطمئنان إلى مستقبل وطننا، وأن نضع رأسنا على الوسادة ليلا وننام ملئ جفوننا، لأن هناك من يسهر على حمايتنا.

ويأتي هذا التكريم رفيع المستوى لمعالي وزير الداخلية اعترافا بالنجاحات البارزة لمعاليه في تطوير منظومة العمل الأمني ومبادراته على المستوى المحلي والإقليمي والعربي والدولي، ويعكس التكريم الخبرة الكبيرة والمكانة العربية التي يتمتع بها وزير الداخلية، وجهوده الحثيثة في مجال الأمن العربي، كما يؤكد التكريم نجاح خطط واستراتيجيات وزارة الداخلية على صعيد مأسسة التعاون المشترك مع مختلف الدول العربية لتحقيق الأمن المستدام عبر تبادل الخبرات والتنسيق المتواصل في كافة المجالات الأمنية.

كما أن لهذا التكريم دلالات خاصة، فالوسام يحمل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله، وهو الرجل الذي ارتبط اسمه بالأمن الإقليمي والعربي، والذي طالما حظي ببعد النظر والأفق الأمني والمشاعر العروبية الأصيلة، والذي آمن على الدوام بأهمية الأمن والاستقرار العربي.

هذا التكريم يعكس أيضا مدى مساهمة مملكة البحرين في تحقيق الأمن ليس داخل المملكة فقط، وإنما على مستوى الخليج العربي والمنطقة ككل، ويؤكد أن البحرين حاضرة وبقوة في مختلف القضايا الأمنية الاستراتيجية على جميع المستويات، انطلاقا من إيمان البحرين بأن التعاون الأمني العربي يمثل عاملا رئيسيا في مسيرة العمل العربي المشترك.

وفي الواقع، لا تظهر جهود وزارة الداخلية بالبحرين في مجال حفظ الأمن فقط، فمهام الوزارة متسعة ومتشعبة، وقد نجحت فيها جميعا، فعندما تسير في الطريق ترى الانضباط والاحترام من قبل شرطة المرور، وهناك عناصر من شرطة المجتمع يساعدون الأولاد على الوصول لمدارسهم بسلام، ومركز الإسعاف الوطني ينهض بمهامه، إضافة إلى التطور الذي يشهده الدفاع المدني، والجمارك تسهر على سلاسة الإجراءات في المنافذ الحدودية وكشف الممنوعات ومصادرتها، كما أن وزارة الداخلية تقيم الكثير من الفعاليات الاجتماعية أو تشارك فيها.

أكتب هذا المقال وأنا أرى الجهد الدؤوب الذي تقوم به وزارة الداخلية بالشراكة مع عدد من الوزارات ومؤسسات الدولة لاحتواء خطر فايروس كورونا، من خلال إجراءات احترافية راقية في جميع منافذ مملكة البحرين، والتعامل المميز بما يحمي المواطنين والمقيمين.

وليس عندي أدنى شك حول أن البحرين تواكب أحدث وأفضل الأساليب الأمنية، وأكثرها تطورًا وجاهزية، وإن ما يلمسه المواطن والمقيم من تطور في المجال الأمني ينعكس إيجابا على الحياة العامة، ويسهم في تعزيز الأمن والأمان والاستقرار في ظل الأداء المميز والمتطور لكافة إدارات وزارة الداخلية.

فالأمن والأمان مفهومان يرتبطان ببعضهما بعضاً بشكل وثيق، والعلاقة بينهما علاقة سبب بنتيجة، فلا يمكن تحقيق استقرار من دون أمن، ولا يمكن أن يكون هناك أمن دون أن يؤدي الأمن نفسه إلى الاستقرار، والبحرين استطاعت الحفاظ على أمنها وحماية مكتسباتها الحضارية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وقدرتها على تطبيق قوانينها وأنظمتها وفرض النظام، والالتزام بواجباتها الدستورية في هذا الإطار.

إن البحرين استطاعت الحفاظ على الأمن دون المساس بالحريات الأساسية للمواطنين، ومن بينها حرية التعبير عن الرأي، وإن ممارسة الحريات لا تعني أنها مطلقة وينبغي عدم ضبطها، فالحرية تنتهي عندما تمس وتُخل بحريات الآخرين. والنتيجة النهائية أن عدم اتخاذ الدولة إجراءات ضبط الأمن سيؤدي إلى انتشار الفوضى، وقد يصل المجتمع لحالة يصعب فيها ممارسة الحريات المدنية لدى كافة الأفراد.

ومن نافل القول إن حفظ الأمن مسؤولية جماعية مشتركة لا تقتصر على الدولة وحدها، وإنما تشترك كافة الأطراف وتتحمل فيها المسؤولية، اضافة إلى المسؤولية الشخصية للمواطنين، وكذلك مسؤولية مؤسسات المجتمع المدني، وعدم تحمّل مسؤولية الأمن لدى طرف من هذه الأطراف يعني انعدام الأمن واختلال الاستقرار.

ولنستوعب حجم الجهود التي تبذل حتى نأمن في بيوتنا وأعمالنا وعلى مستقبل أوطاننا، يجب أن ندرك أن الأمن والاستقرار الداخلي في البحرين يرتبط ارتباطا وثيقا بالأوضاع الأمنية في المنطقة خاصة في ظل تشابك العلاقات المعقدة بين مختلف بلدان العالم اليوم، وانفتاح العالم على بعضه أكثر، وسيل التهديدات الخارجية الذي يأتي عبر الحدود وعبر الإعلام وغيره، والأذى الكبير الذي يحاول افتعاله “المتلاعبون بالعقول”، والساعون إلى بث النعرات السياسية والمذهبية والطائفية.

إن نعم الله على الخلق كثيرة لا تعد ولا تحصى، وأعظم النعم بعد الإيمان بالله عز وجل نعمة الأمن، فالأمن عكس الخوف، الأمن طمأنينة القلب وسكينته وراحته، والحياة لا تزدهر وتتطور من دون الأمن، فكيف يحلو العيش إذا انعدم الأمن، فمعه تنبسط الآمال وتطمئن النفوس، فإذا شاع الأمن تعددت أنشطة البشر وزاد عليهم رزق ربهم ويفتح عليهم أبوابه، والأمن عكس الخوف والجزع، إنه استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي ونفسي، يتمكن المرء في ظله من العيش والعمل والانجاز.

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s