مستقبل من ذهب

بدأت أواظب على الرياضة الصباحية بشكل شبه يومي في فترة متأخرة من عمري، وعندما أشعر بكمية السعادة والصحة التي تمنحني إياها دقائق الرياضة الصباحية طيلة اليوم، يراودني الندم على تلك المرحلة من حاتي التي أمضيتها لا أمارس الرياضةبدعوى الانشغال بالعمل، غير مدرك أن العكس هو الصحيح، فإذا أردت أن تنجز أكثر خلال يوم العمل عليك بالرياضة، وإذا أردت أن تستمتع أكثر بالحياة، عليك بالرياضة.

الأمر الآخر الذي يسعدني ويحفِّزني في الصباح هو قراءتي للأخبار الطيبة حول منجزات مملكة البحرين على أصعدة مختلفة، من بينها الصعيد الرياضي، ورية صور شبابنا الأبطال يحققون الإنجازات في الألعاب الفردية والجماعية، ويرفعون علم بلدنا الحبيب في مختلف المحافل الرياضية.

وعندما أنظر إلى التقدم الذي تشهده الرياضة في مملكة البحرين، وعندما أرى مزيدا من البحريين المحترفين في مختلف الألعاب الرياضية، وغيرهم من أولئك الذين يحرصون على ممارسة الرياضة بانتظام في الأندية والأماكن العامة، أدرك أن عقولنا وأجسامنا بخير، وصحتنا الجسدية والنفسية بخير، وأن مستقبل البحرين بخير.

هذا التحول الكبير حدث في البحرين بهمِّة وعزم وإصار سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب رئيس المجلس الاعلى للشباب والرياضة، واستراتيجية سمو السديدة في مجال جعل الرياضة جزءا لا يتجزأ من أسلوب حياة البحرينيين، والدفع بمزيد من الأفراد والفرق الرياضية لاعتلاء منصات التتويج محليا وإقليميا وعالميا، حتى بات الذهب هو السمة المرادفة لأداء البحرين في مجالات رياضية عديدة.

وما تفضُّل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة برعاية حفل “ميثاق من ذهب” بمناسبة مرور الذكرى التاسعة عشر على التصويت على ميثاق العمل الوطني، إلا تأكيد بارز على اعتزاز البحرين والبحرينيون بمنجزاتهم على مختلف الأصعدة، وبالأخص صعيد الرياضة، حيث تفضل جلالته بتدشين موقع بنك الذهب، والذي يتضمن معلومات مفصلة عن أصحاب الإنجازات من منتسبي الحركة الشبابية والرياضية وصورهم ومعلومات عن إنجازاتهم التي تحققت، ولا شك أن تحقيق البحرين لـ 390 منجزا رياضيا في العام الماضي فقط يمثل دليلا دامغا على قدرة هذا الشعب على الإنجاز، ومؤشر على القدرة على تحقيق المزيد من الإنجازات في الأعوام القادمة.

لقد تمكن سمو الشيخ ناصر من ترجمة الرؤية السامية لجلالة الملك حول تقدم وازدهار ورِفعة مملكة البحرين بطريقة ذكية خلَّاقة مبتكرة، وكان لمبادرات سموه في “ملاعب الفرجان” وإطلاق أعوام الذهب، وتسديد مستحقات اللاعبين، وغيرها دورا كبيرا في ذلك، كما أن المميز في سمو الشيخ ناصر هو أنه يرسم بشخصيته القيادة معالم الطريق، فهو لا يجلس خلف مكتب ليصدر الأوامر، وإنما يجعل من نفسه قدوة لكل شاب أراد الحفاظ على صحته وتحقيق الإنجاز، ليس في البحرين فقط، وإنما في الخليج العربي والمنطقة، وحتى على مستوى العالم.

وإن مشاركة سمو الشيخ ناصر في المسابقات المحلية والإقليمية والدولية وحرصه على إحراز المراكز الأولى لا يمكن أن تكون قرارا اتخذه سموه أمس ونفذه اليوم، وإنما هي نتاج جهود طويلة مضنية من التدريب اليومي لساعات طويلة، واتباع للمعايير الصارمة في الغذاء والتمرين، والتحلي بأعلى درجات الصبر والإصرار والعزيمة.

وكأنني أذكر هنا مقولة بطل الملاكمة العالمي محمد علي كلاي “”لقد كرهت كل دقيقة من التدريب، ولكن قلت: لا تتوقف. تعاني الآن وتعيش بقية حياتك بطلا”، ومقولته الأخرى “من لا يكون شجاعًا بما يكفي لتحمل المخاطر لن يحقق أي إنجاز في الحياة”.

لقد عزز سمو الشيخ ناصر في نفوس البحرينيين روح التحدي والإصرار، والفخر بالمواطنة والانتماء للبحرين، حتى أنه رغم أن البعض، خاصة النساء وكبار السن، ربما لا تبتعدون عن ممارسة الرياضة، وربما لا تعني لهم الرياضة بحد ذاتها شيئا مهما، لكنهم بكل تأكيد يعيشون فرحة الإنجازات الرياضية البحرينية ويفخرون بها.

ومن خلال مبادرات أخرى مثل “يوم البحرين الرياضي”، زاد اهتمام مختلف الجهات الحكومية والخاصة بالرياضة، وخرج الموظفون من جو العمل الرتيب إلى فضاءات أرحب، وأدرك صناع القرار في تلك المؤسسات أهمية الرياضة في بناء فرق العمل وإذابة الحواجز بين العاملين والتفكير خارج الصندوق ورفع مستويات الابداع والابتكار في تقديم الخدمة أو المنتج، وأنا آمل أن تبادر المؤسسات لوضع “يوم رياضي” في جدول مخططتها السنوي أو الشهري حتى.

وبفضل السياسات الرياضية الحصيفة تخطت المراكز الرياضية في البحرين صعابها المالية، وأصبح لها مردود مادي جيد، علاوة على التسويق الرياضي للأندية، ولا شك أن هذه التطورات الرياضية تجذب المستثمرين والشركات للاستثمار في الرياضة بالبحرين، ومن واقع خبرتي كرجل أعمال في مجالات مختلفة، أستطيع التأكيد أن الاستثمار في الرياضة هو استثمار في الصحة والترفيه والاقتصاد، بل إنه استثمار في الأمن الاجتماعي والأمن الوطني، وجمعيا رأينا الفرحة التي عاشها الشعب البحريني بمختلف مدنه وقراه وفرجانه عندما فازت البحرين بكأس الخليج، وكيف أعرب الجميع بكل صدق عن محبته لوطنه وفخره واعتزازه بهذا الإنجاز.

وعند الحديث عن هذا الموضوع لا بد من التنويه بقدرة سعادة السيد أيمن بن توفيق المؤيد وزير شؤون الشباب والرياضة على فهم واستيعاب استراتيجية تطوير الرياضة في مملكة البحرين، وتحويل تلك الاستراتيجية إلى خطة تنفيذية وبرنامج عمل يومي يضمن تجويد أداء ومدخلات ومخرجات مختلف المراكز الرياضية والشبابية، وتحقيق تطور رياضي مستدام.

الرياضة تلعب أيضا دورا مهما في مجال الأمن الاجتماعي والتربية وتعزيز منظومة القيم العليا للمجتمع، فالرياضة لا يمكن أن تكون نشاطا بدنيا فقط، ولا يمكن أن نذكرها بمعزل عن الجوانب الاجتماعية والاقتصادية وكلها متداخلة وتؤثر في الرياضة، كما أن الرياضة أصبحت وسيلة لمعالجة التعصب، وبناء علاقات إيجابية بين الدول والأفراد.

وعندما نزيد الاهتمام بالرياضة نرفع من جاهزيتنا للعب ضمن فريق، ونضمن التناغم بين أعضاء الفريق، وبين الفريق والفرق المختلفة التي تلعب جميعا لرفع اسم البحرين عاليا، وهذا ما أراه في “فريق البحرين” الذي يتوسع ليشمل كل البحرينيين، ويعمل لمصلحة البحرين ككل.

أؤكد أن الاستثمار في الرياضة هو استثمار في الانسان، واستثمار في المستقبل، وأكاد أقول إنه إذا كانت الرياضة في بلد ما بخير، فالبلد كله بخير.

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s