سيارة الفورمولا1

أنظرُ في سيارة سباق الفورمولا1، أتمعن في صغر حجمها، ودقة صنعها، وتقنياتها الثورية، وقدرتها على الانطلاق، والتسارع، وتجاوز المنعطفات الخطرة، والإصرار على البقاء في السباق، والمنافسة، والفوز، وأقول لنفسي: كم تشبه هذه السيارة بلدنا البحرين، بعنفوانه وعزمه وإصراره، ومهارة وحنكة قيادته، وعزم أبنائه.

15 عاما مرت حتى الآن على استضافة البحرين للفورمولا1، هذا الحدث العالمي الذي يشد انتباه عشاق السرعة والسيارات حول العالم، وفي كل عام تسجل البحرين نجاحا أكبر على صعيد حجم أرقام الزوار ونجاح ودقة التنظيم، والفعاليات المصاحبة، والاهتمام الإعلامي العالمي، وهو انجاز نهنئ به جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد، ونهنئ أنفسنا وشعب البحرين.

وفي كل عام، اتحدث إلى أصدقاء ومعارف يزورون البحرين خصيصا لحضور الفورمولا1، وأعرف أشخاصا يواظبون على حضور هذا الحدث سنويا منذ العام 2004، فقد كانت البحرين سباقة في العالم العربي في استقطاب هذا الحدث العالمي، وأن توفر له بإمكانيات متواضعة نسبيا كل أسباب النجاح.

وعلى مدى الأعوام الماضية تمكن القائمون على الفورمولا1 من تحويله من مجرد سباق سيارات إلى مهرجان ترفيهي متكامل يمثل سباق السيارات ركنا أساسيا فيه، ولكن ليس كل أركانه.

ولا شك أن قرار استضافة البحرين لسباقات الفورمولا1 كان منذ البداية قرارا ذكيا وصائبا وحكيما، فما تحصده البحرين من سمعة عالمية مرموقة لنجاحها في هذه الاستضافة لا يقدر بثمن، ولا شك أن الفورمولا 1 حدث نوعي، لا يشبهه حدث آخر، ويحقق أهدافا ترويجية واقتصادية مقابل تكلفة ليست مرتفعة إذا ما قيس مثلا بالأولمبياد الذي يكلف أضعافا مضاعفة من الأموال، ويتطلب جهودا تنظيمية جبارة، وربما لا يحقق الأثر الذي تحققه الفورمولا.

هذا القرار ذكي أيضا لأن استخدام حلبة الفورمولا1 لا يقتصر على أيام الفورمولا الأربعة، وإنما تستخدم الحلبة على مدار العام في أنشطة رياضية وترفيهية متنوعة، تستقطب مئات آلاف المشاركين، ويمكن لمن يقف على شرفة برج الحلبة الذي يتوسط مسارات السباق أن يرى كيف أسهمت الفورمولا واحد في إحياء منطقة الصخير الصحراوية ككل.

وإن الأثر الاقتصادي العظيم لسباق الفورمولا 1 في البحرين أصبح واضحا وجليا، خاصة وان السباق أصبح مرتبطا باسم البحرين بصورة وثيقة”، والعوائد الاقتصادية من استضافة البحرين لسباق الفورمولا 1 ضخمة مع تسجيل نسب اشغال عالية في الفنادق والمطاعم، واعطاء زخم كبير للدورة الاقتصادية في المملكة، وتأتي صناعة الضيافة والفندقة والمواصلات اكبر المستفيدين من احتضان البحرين لهذا السباق.

وعند الحديث عن الأثر الاقتصادي للفورمولا، لا بد من الإشارة إلى أن ما يمكن تسميته بـ “سائح الفومولا1” هو سائح نوعي، لديه قدرة كبيرة على الانفاق، فهذه الرياضة هي رياضة الأثرياء، وهذا السائح لم يأتي فقط ليتابع فعاليات السباق ويشجع فريق فيراري أو مرسيدس ثم يعود لفندقه لينام، وإنما يبحث هذا السائح عن برنامج سياحي ترفيهي متكامل، ويضع على أجندته قائمة بالمعالم الأثرية وأماكن الترفيه والمطاعم وأماكن السهر التي سيزورها.

وكلما استطعنا توفير برامج سياحية ترفيهية ثقافية متكاملة لهذا السائح، استطعنا جذبه للبقاء في البحرين فترة أطول، وبالتالي أنفق أكثر، ومن الممكن إقامة فعاليات كبرى خلال موسم سباقات الفورمولا مثل رحلات سياحية بحرية، وألعاب رملية، وعروض تراثية، وغيرها.

ولا يجب أن نغفل أيضا الزيادة الكبيرة بأعداد الزوار والسياح من رعايا دول مجلس التعاون الخليجي الذين يقبلون على زيارة البحرين خلال اقامة السباق لا سيما عبر المنفذ البري الوحيد جسر الملك فهد.

ومن بين حضور الفورمولا أيضا مفكرين وسياسيين، وشخصيات عامة مهمة، تتابع السباق من جهة، وتناقش مسائل الاقتصاد والسياسة وتعزز من شبكة علاقتها من جهة أخرى، في جو احتفالي بهيج، كما أن لكبار الشخصيات تلك حظوة اجتماعية مهمة، وهم يحملون رسائل ذات تأثير في محطيهم حول تتمتع به البحرين من انفتاح اجتماعي واقتصادي وأمن واستقرار.

كما أن متابعة هذه السباق من قبل نحو 425 مليون إنسان حول العالم بحسب بعض التقارير تمثل فرصة غير مسبوقة لإظهار حضارة وتقدم ورقي البحرين.

لقد أعربت سابقا عن اعتقادي بأن الكثير من الناس لا زالوا لا يدركون أهمية الفورمولا بالنسبة للبحرين، كما أن التجار لم يستثمروا بعد هذه الفعالية كما يجب لتحقيق الأرباح المجزية لهم، حيث أن هناك عوائد اقتصادية غير مباشرة تسهم من خلالها الفورمولا واحد كإنعاش المتاجر والمنشآت الفندقية والمرافق السياحية، فضلا عن قطاعات المواصلات والدعاية والإعلان والمطاعم ومجمعات التسوق وغيرها، والتي تقدر بحسب بعض التقارير بنحو 500 إلى 600 مليون دولار.

لقد كتبت سابقا أنه من غير المنصف حصر فعالية كبرى مثل الفومولا1 داخل حلبة الصخير جنوبي البحرين، وإنما بات لزاما علينا بعد أعوام النجاح المتواصلة أن نفكر كيف يمكن تحويل البحرين كلها إلى حلبة يسودها هدير محركات التجارة والسياحة والضيافة والثقافة، ونحن نلمس تنسيقا جيدا بين عدد من الجهات الحكومية ذات الصلة بالفورمولا، مثل طيران الخليج، وهيئة البحرين للسياحة، وإدارة المرور، والجمارك، وهيئة البحرين للثقافة، ووزارة الإعلام، لكننا بحاجة إلى دخول جهات أخرى لتعظيم الاستفادة من هذا السباق، إضافة إلى تعزيز التناغم بين تلك الجهات، كما أننا بحاجة أيضا إلى من يقول لنا كيف يمكننا كقطاع خاص أن نساعد في زيادة نجاح هذا السباق.

في كل عام نحمل أمنية ترقب الفومولا1 القادم وقد امتلأت البحرين بصخب هذه الاستضافة، وأن نرى برنامج ضيوفنا من متابعي هذا السباق مزدحم جدا برحلات بحرية، ومهرجانات، وسباقات خيل، وإبل، وتخييم وخيام في الصحراء، وألعاب الرمال، ورياضات وألعاب مائية، وندوات ثقافية، وغيرها الكثير الكثير.

 

 

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s