لتكن مجالسنا مدارسنا

لعل أجمل لقاءات رمضان التي حضرتها هذا العام كانت في المجلس الرمضاني لمجلس التنمية الاقتصادية الاثنين الفائت، والذي شكَّل منصة مواتية لعرض المعلومات وتبادل الأفكار بين القائمين على المجلس ورجال الأعمال والمستثمرين والصحافة، بعيدا عن الزيارات الخاطفة وتسجيل الحضور وتبادل المجاملات وغيرها من الأمور التي اعتدنا عليها في مجالسنا الرمضانية كل عام.

أعتقد أن تنظيم المجلس الرمضاني لمجلس التنمية الاقتصادية بهذه الطريقة الحضارية المفيدة يجب أن يمثل نقطة تحول بارزة في دور ونهج ومفهوم المجالس الرمضانية لدينا، فرمضان شهر الخير والعطاء والبركة، ومن الجيد أن تلتقي بأكبر عدد ممكن من الأصدقاء والمعارف خلال شهر رمضان، لكن من الأفضل أن تكون تلك اللقاءات مثمرة وذات نتيجة.

خلال حضوري المجلس الرمضاني لمجلس التنمية الاقتصادية والذي أقيم في خليج آركابيتا تعرفت لأول مرة على رؤية المجلس في استقطاب استثمارات من بريطانيا، والاستفادة من فرصة خروجها من أوروبا عبر استقطاب شركاتها التي أصبحت تفكر بحرية وشجاعة أكبر للاستثمار والتوسع خارجيا، إضافة إلى دول مستهدفة أخرى كالولايات المتحدة وأوروبا ودول آسيا والصين.

وتعرفت أيضا على الخطط الوطنية لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط -رغم تحسن أسعاره –، مع المضي قدما في الجهود المبذولة من أجل المزيد من الاكتشافات النفطية والغازية واستقطاب مستثمرين في القطاع النفطي.

وخلال المجلس سمعنا أيضا عن آخر تطورات منتجع الساحل جنوبي البحرين لناحية ترسية مناقصة المقاول الرئيسي لهذا المشروع الطموح خلال الأسابيع القليلة المقبلة، إضافة إلى وضع خطة متكاملة لتطوير بلاج الجزائر على أن يتم الإعلان عنها مطلع العام المقبل.

لقد قرأنا جمعيا الأخبار عن عزم البحرين منح المستثمرين الأجانب إقامة لمدة تصل لـ10 سنوات، ولكن ما هي التفاصيل؟. إن حضور المجلس الرمضاني لمجلس التنمية الاقتصادية يمثل فرصة مواتية للتعرف على ذلك، وما هي الامتيازات الجديدة الممنوحة للمستثمرين، وكيف يمكن لزيادة الاستثمار في البنية التحتية أن تسهم في تشجيع المستثمرين وزيادة التدفق الاستثماري.

الأستاذ الرميحي طمأن أيضا إلى أن الهدف الرئيس للمجلس من خلال جذب الاستثمارات ليس فقط الأجنبية وإنما المحلية أيضا، من أجل خلق وظائف للشباب الخريجين من الجامعات، وقال إن المجلس يقيس نجاحه ليس فقط بما يستقطبه من أموال وإنما من خلال خلق الوظائف التي يتم خلقها.

في الحقيقة أنا أعرف مجلسا آخر يؤدي الوظيفة نفسها، هو مجلس وزير التربية الدكتور ماجد النعيمي، حيث يعرض الوزير على زوار مجلسه أحدث التطورات في قطاع التربية والتعليم، ويسمع منهم آرائهم، وربما تكون هناك مجالس أخرى مشابهة، لكن ما أدعوا إليه هو تحويل كل مجالس رمضان لمجالس ذات فائدة.

لكني أعرف أيضا أشخاصا يزورون ثلاثة إلى أربع مجالس في اليوم الواحد، ربما تكون في الرفاع والمحرق والمنامة والجنبية، وأتعجب بالفعل من مقدرتهم على ذلك. هم يقولون إنهم يزورون مجالس الناس حتى تزورهم الناس في مجلسهم، وهذا أمر جيد، لكن الغرض من المجلس الرمضاني لا يجب أن يكون مجرد التباهي بعدد الحضور ومستوى الشخصيات الحاضرة والمساحة المخصصة في الصحف لنشر صور المجلس.

يجب أن نستثمر كل دقيقة من وقتنا في التفكير والعمل من أجل تطوير هذا البلد، خاصة من الناحية الاقتصادية، ونحن في منطقة تشهد تبدلات جيوسياسية واقتصادية كبيرة، وتنافسية عالية على جذب المستثمرين، ومساعي شاقة من أجل زيادة معدلات النمو وخلق فرص العمل.

لا شك أن المجالس في البحرين او الديوانيات في الكويت تشكل ظاهرة حضارية مهمة جدا من أجل الالتقاء والتآخي وتعزيز الألفة والمحبة بين أبناء الشعب الواحد، وأنا أشجع عليها جدا، وأشجع أيضا على أن تعظيم الفائدة منها، وقديما قالوا “مجالسنا مدارسنا”، فيها نتعلم ونفيد ونستفيد.

 

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s