نحن الأوائل في العالم والأفضل آت

جرى تصنيف البحرين مؤخرا باعتبارها البلد الأفضل في العالم للعيش بالنسبة للوافدين، متفوقة بذلك على الدول الغربية التي غالبا ما ترغب في تصوير نفسها على أنها متفوقة إلى أبعد الحدود عنا، وسجلت البحرين تصنيفا أعلى من دول مثل سنغافورة وهونغ كونغ وتايوان المعروف عنها بأنها مراكز أعمال متطورة يقصدها العمال الأجانب طلبا للثروة، ذلك في وقت انخفضت جاذبية بريطانيا وأمريكا بالنسبة للأجانب خلال العام الماضي في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووصول ترامب إلى البيت الأبيض، فيما سجلت معظم دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى -وفقا لرأي العمال الأجانب- مراكز متأخرة واعتبرت على ليست ودودة بالنسبة لهم.

وكانت النتيجة هي أن البحرين، التي تسجل دائما نتائج جيدة في هذا النوع من استطلاعات الرأي، تقدمت على كل دول العالم في مسح “إكسبات إنسايدر” لعام 2017 وهو المسح الأكثر شمولا من نوعه.

لماذا سجلت البحرين هذا المركز المتقدم؟ الإجابة هي أننا أفضل دولة في العالم في توفير الاستقرار العائلي بالنسبة للوافد الأجنبي الذي سرعان ما يشعر بالاندماج وكأنه بين أهله وناسه، ويتمكن بسهولة من تكوين صداقات مختلفة، ويحب طريقة الحياة في البحرين، وذلك كما أوضح تقرير “إكسابت إنسايدر” حول أن وجود هذه الانطباعات الرائعة من الأجانب حول البحرين يجعل ليس من المستغربا أن ما يقرب من ثلث المغتربين يرون أنفسهم باقون في البحرين لأكثر من خمس سنوات، و11٪ يقولون انهم ربما يبقون إلى الأبد.

بالنسبة لي ربما تكون النتيجة الأهم هي أن البحرين احتلت المركز الثاني في العالم على مؤشر السعادة الشخصية، حيث قال تسعة من أصل عشرة وافدين أنهم سعداء بحياتهم في البحرين، وهنا لا بد من القول إنه ربما لا ندرك نحن كبحرينيين أننا نعيش في أسعد مكان على وجه الأرض، ولعلنا لا ندرك مدى جودة حياتنا فيما يتعلق ببقية دول العالم، وهذا يدل بالتأكيد على أننا يجب أن نقدر ما لدينا.

البحرين هي أيضا في مقدمة دول العالم المستقطبة للنساء العاملات الوافدات، وهذا يدل على نجاح المشروع الأصلايح لجلالة الملك حمد في توفير البيئة المناسبة لعمل المرأة، وقد حازت المملكة على تصنيفات متقدمة في مجال الفرص المهنية، وحققت المرتبة الثانية في عامل “التوازن بين العمل والحياة”، وحلت في المرتبة الأولى عالميا كأفضل بيئة لإنشاء أسرة، والرابعة لـ “محاباة الأطفال والعناية بهم، وهذا هو السبب في أن العديد من الوافدين الذين يعملون في الدول المجاورة يختارون تأسيس أسرهم في البحرين.

ولكن علينا ألا نركن لنتائج مثل هذه الاستطلاعات ونعتقد أن الأمور على أتم ما يرام، فقد أصبحت البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي في الآونة الأخيرة أماكن أكثر تكلفة لعيش الأجانب نتيجة لإصلاحات الدعم، وألتقي بشكل أسبوعي تقريبا أجانب يستعدون لمغادرة البحرين في أعقاب الانكماش الاقتصادي على مدى السنوات الأخيرة، وهنا يجب علينا أن نضمن أن البحرين تحتفظ بما لديها من مزايا جذب من أجل تعزيز ازدهارنا وتسهيل الاستثمار.

بذلنا جهودا كبيرة طيبة لتطوير قطاع السياحة، لكن لم نحقق بعد ما نطمح إليه بالفعل، فلا زال هناك الكثير الكثير الذي يمكن بل ويجب فعله، واعتقد أنه بالإمكان توسيع قطاع السياحة عشر أضعاف ما هو عليه، حتى يصبح مصدرا مهيمنا لخلق الثروة لجميع البحرينيين.

البحرين لا تزال لديها مشكلة السمعة. قد نكون أفضل بلد في العالم لاستقطاب العمال الأجانب وعيشهم، ولكن هذه ليست هي الطريقة التي يراها كثير من الناس في جمع أنحاء العالم، يجب علينا أن نفعل أكثر من ذلك بكثير لضمان أن يرى العالم البحرين كما هي: مجتمع متسامح ومنفتح ولديه الكثير من التراث والحضارة والتقدم الذي يمكن أن يبهر جميع زواره.

عندما أكون في الخارج ويجري ذكر البحرين في وسائل الإعلام الأجنبية تُصور مملكتنا دائما كمنطقة حرب، وكأننا جميعا في الشوارع كل ليلة لنتقاتل فيما بيننا، ومع الشرطة. لا يمكن أن يكون هناك أي بلد آخر في العالم لديه مثل هذا الفرق الصارخ بين كيف ينظر إليها من قبل الغرباء، وما يجده الناس عندما يأتون فعلا ويعيشون هنا.

إذا كنت تصدق وسائل الإعلام الأجنبية، فإنها ستخبرك عن مشكلة حقوق إنسان في البحرين، لكن كيف يمكن يحدث هذا في بلد يقول حتى الأجانب فيه إنهم الأسعد على وجه الأرض؟ كيف يمكن أن يكون ذلك عندما تكون البحرين الدولة الأكثر تقدما في المنطقة في  مجال حقوق المرأة وحقوق الأقليات واحترام الثقافات الأخرى؟

جزء من المشكلة هو أنه لدينا فرط الحساسية لقضايا حقوق الإنسان، وتنفق البحرين معظم الوقت في مناقشة قضايا تمكين المرأة وتحسين ظروف السجون وتحسين رفاهية المواطنين الأكثر حاجة، لدرجة أن العالم الخارجي قد اعتبر أن هذه مشاكل بالنسبة لنا؛ في حين أن سجلنا في الحقوق والحريات العامة هو في الواقع الأفضل في المنطقة، إن لم يكن الأفضل على مستوى العالم.

لماذا البحرين أفضل مكان في العالم للوافدين؟ لأننا نحدد أوجه القصور لدينا ونعالجها، وهذا يؤدي لجعل البحرين بيئة أفضل للأعمال التجارية، ومكان أفضل لتثقيف أطفالنا، ومكان أفضل لرواد الأعمال، ومكان أفضل للمرأة وجميع شرائح المجتمع الأخرى لكي تعيش أنماط الحياة الأكثر تنوعا وانتاجية.

مرة اخرى؛ هذا لا يعني أننا يجب أن نكتفي بما تحقق من انجازات، فإن اللحظة التي نركن فيها لأمجادنا هي اللحظة التي يسبقنا فيها العالم، وينبغي لنا أن نواصل انتقاد وتقييم أوجه القصور التي نواجهها، وينبغي لنا دائما أن نتطلع إلى التطوير المستمر.

ولكن دعنا نتمعن لدقيقة واحدة فقط حول أن البحرين هي الأفضل في العالم، إنها كذلك بالفعل.

 

 

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s