من غير المنصف حصر فعالية كبرى مثل الفومولا1 داخل حلبة الصخير جنوبي البحرين، وإنما بات لزاما علينا بعد 13 عاما متواصلة من النجاح في استضافة وتنظيم هذا الحدث العالمي أن نفكر كيف يمكن تحويل البحرين كلها إلى حلبة يسودها هدير محركات التجارة والسياحة والضيافة والثقافة.
أنا في الواقع لا أريد الاكتفاء بتهنئة البحرين قيادة وشعبا بمناسبة نجاح الموسم الحالي للفومولا1، وإنما أريد أيضا أن ارفق تهنئتي تلك بتمنياتي أن نعزز من العمل معا من أجل تعظيم استفادة بلدنا الحبيب من هذه الفعالية.
مع مطلع ابريل في كل عام تقريبا يتواصل معي إعلاميون لأخذ تصريحات حول الفورمولا1، وأنا كرجل أعمال ينشط في مجال السياحة والضيافة والإعلانات لا يسعني إلا أن أعرب عن مدى سعادتي باستضافة البحرين لهذا الحدث، وأن أشير إلى مدى الفائدة التي نترقبها منه.
لكنني أود أيضا أن نعزز من استثمارنا لهذا الحدث، فسائح الفومولا1 لم يأتي فقط ليتابع فعاليات السباق ويشجع فريق فيراري أو مرسيدس ثم يعود لفندقه لينام، وإنما يبحث هذا السائح عن برنامج سياحي ترفيهي متكامل، ويضع على أجندته قائمة بالمعالم الأثرية وأماكن الترفيه والمطاعم وأماكن السهر التي سيزورها.
لذلك أؤكد أننا بحاجة إلى آلية ترويج واضحة معلنة نصل من خلالها لأسواق الدول الأكثر توريدا لسياح الفورمولا، ونخبرهم بما لدينا في البحرين من فرص إقامة وترفيه، وكلما تمكَّنا من برنامج الأنشطة التي يمكن للسائح أن يقوم بها في البحرين، كلما نجحنا في إطالة فترة مكوثه هنا، بحيث لا تقتصر على أيام الفورمولا الثلاث.
إن ما يمكن تسميته بـ “سائح الفورمولا1” ليس سائحا عاديا، وإنما هو سائح من نوع خاص يمتمع بقدرة كبيرة على الإنفاق، يتنقل من بلد لآخر بحثا عن رفاهية منشودة دون النظر إلى تكلفتها عادة، وقد قرأت مؤخرا أن معدل إنفاق السائح يوميا في البحرين هو 72 دينار، واعتقد أن سائح الفورمولا ينفق يوميا أكثر من هذا المبلغ بكثير.
إن هذا “السائح النوعي” مستعد أن يطيل مدة إقامته في حال توفر فعاليات شيقة متنوعة قبل وخلال وبعد السباق، فالكثير من سياح الفورمولا1 تحملوا مشقة السفر من دول بعيدة حتى وصلوا إلى البحرين، وهم على استعداد تام للاستمتاع بأكبر وأطول قدر ممكن من الأحداث المصاحبة للسباق.
علينا أن نبحث عن نقاط الجذب السياحي المتميزة التي تتفرد بها مملكة البحرين، فمثلا السباحة والرياضات المائية و الشاطئية مناسبة هنا في شهر ابريل خلافا لما هو عليه الحال في كثير من دول العالم، وكذلك صيد السمك، والرحلات البحرية إلى جزر حوار وجرادة وغيرها.
وإن التحضير لأيام الفومولا الثلاثة يجب أن يستمر على مدار العام، وليس قبل شهر أو شهرين فقط، فالفعاليات الرياضية الكبرى مثل كأس العالم والأولمبياد تقام كل أربع سنوات، وذلك بغية منح الدول المضيفة وقت كافي للتحضير وإقامة الفعاليات وصولا إلى الأهداف المنشودة.
وفيما يجري التركيز السياحي حاليا على سياحة المعارض والمؤتمرات، ورجال الأعمال، نرى أن سائح الفورمولا يحقق هذه المعادلة المنشودة، ونحن نريد منه أن يزور البحرين مجددا خارج أيام الفورمولا، بل وأن يستثمر فيها أيضا، وأن ينصح معارفه بزيارتها.
نحن نلمس تنسيقا جيدا بين عدد من الجهات الحكومية ذات الصلة بالفورمولا، مثل طيران الخليج، وهيئة البحرين للسياحة، وإدارة المرور، والجمارك، وهيئة البحرين للثقافة، ووزارة الإعلام، لكننا بحاجة إلى دخول جهات أخرى لتعظيم الاستفادة من هذا السباق، إضافة إلى تعزيز التناغم بين تلك الجهات، كما أننا بحاجة أيضا إلى من يقول لنا كيف يمكننا كقطاع خاص أن نساعد في زيادة نجاح هذا السباق.
لماذا لا يتم تنظيم لقاء موسع قبل فعالية الفورمولا بشهر أو أكثر بين ممثلين عن المؤسسات الحكومية المعنية بالفورمولا من جهة، وأصحاب الفنادق والمطاعم ومكاتب السياحة والسفر والنقل وغيرها من جهة أخرى؟ يقولون لنا ما هي أفكارهم وخططتهم للترويج للبحرين عالميا من خلال الفورمولا، ويسمعون منا اقتراحاتنا وتحدياتنا ورؤيتنا لتطوير هذه الفعالية.
وإن تجهيز أنفسنا جيدا للفورمولا1 يجب ألا يقتصر على الأمور الاجرائية لناحية تسهيل دخول جمهور السباق للبحرين وتخليص معاملاتهم وتهيئة الحركة المرورية أمامهم، وإنما يمكن أن نقوم نظافة عامة لشواطئنا، وتزيين الأماكن الأثرية مثل سوق المنامة القديم وقلعة عراد وغيرها، وتلافي أية نواقص ربما تسبب مصدر إزعاج لسائح الفورمولا.
أتمنى أن نرى البحرين كلها وقد تحولت لورشة عمل قبل وخلال استضافة الفومولا1، وأن يعرف الجميع أن هذه الفعالية ليست رياضية فقط، وإنما فرصة للتعريف بالبحرين على أوسع نطاق، ليس من خلال الـ 93 ألف متابع للسباق، وإنما من خلال ملايين عشاق هذه الرياضة ومتابعيها خلف الشاشات حول العالم أيضا.
نترقب الفومولا1 القادم وقد امتلأت البحرين بصخب هذه الاستضافة، وأن نرى برنامج ضيوفنا من متابعي هذا السباق مزدحم جدا برحلات بحرية، ومهرجانات، وسباقات خيل، وإبل، وتخييم وخيام في الصحراء، وألعاب الرمال، ورياضات وألعاب مائية، وندوات ثقافية، وغيرها الكثير الكثير.