يبنون الجدران.. نبني الجسور

57582alsh3er 

في وقت يتزايد فيه التوجه العالمي نحو العزلة والانكفاء على الداخل، يعطي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي ولي العهد الأمين مثالا مختلفا تماما.

كل الرسائل التي تلقفانها حول زيارة سموه الأخيرة للمملكة العربية السعودية تبشر بمزيد من الانفتاح وتسهيل التجارة والاستثمار، ليس على الصعيد الثنائي بين البحرين والسعودية فقط، ولكن على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي والعالم.

كانت رسالة سمو الشيخ سلمان بن حمد تركز على بناء المزيد من الجسور بيننا، وإزالة أية عقبات، وشكَّل الإعلان المشترك عن إنشاء مكتب خاص بالاستثمار والمستثمرين السعوديين في البحرين وتعزيز تدابير تسهيل التعامل التجاري أمثلة واضحة على ذلك.

بعض الناس ذوي التفكير الاقتصادي القادر، يعتقدون أن المزيد من الاستثمارات السعودية أو الأجنبية في البحرين يعني المزيد من الفوائد التي ستجنيها تلك الاستثمارات على حساب الاقتصاد البحريني الذي سيخسر المزيد من فرص الاستثمار والتوظيف وتحويل الأموال للخارج، وفي الوقت ذاته يمكن القول إن إنفاق المال السعودي أو الأجنبي في البحرين يجعل البحرين تستفيد وتلك الدول هي التي تخسر.

التفكير بهذه الطريقة القاصرة خاطئ بالمطلق، والصحيح هو إنشاء وتعزيز التعاون الاستثماري بين البلدين وزيادة تداول البضائع والسياح، والخبرات الاستمثارية والتجارية، بما يسهم في تنشيط الاقتصاد في كلا البلدين ويؤدي لتوطيد العلاقات وجني المزيد من الارباح.

كما أن اقتصاد البحرين سينمو بطريقة أسرع ويصبح أكثر انفتاحا وتصبح البحرين أكثر جاذبية للمستثمرين الخليجيين والدوليين، فالنجاح يولد النجاح والثروة تخلق ثروة، وتنتعش قطاعات رئيسية من القطاع الخاص في البحرين، مثل الأعمال المصرفية والسياحة والخدمات.

لقد أعلن مجلس التنمية الاقتصادية قبل عدة أيام عن نجاحه في استقطاب 40 شركة إلى مملكة البحرين خلال العام 2016م، وستستثمر هذه الشركات ما قيمته 106 مليون دينار بحريني (281 مليون دولار)، وستوفر 1647 فرصة عمل في سوق المملكة خلال الثلاث سنوات القادمة، وذلك في إطار عمل المجلس في استقطاب وتشجيع الاستثمارات في مملكة البحرين.

على صعيد ذي صلة وضعت العديد من الدراسات الاستقصائية الدولية -مثل تلك التي تنظم سنويا من قبل بنك HSBC – البحرين في مقدمة الدول العربية التي يفضلها الأجانب للعمل والعيش، كما أن البحرين تأتي أيضا في مقدمة الدول من حيث الانفتاح الاقتصادي وسهولة تأسيس الأعمال.

هذا الترحيب التي نظهره للأجانب يسير جنبا إلى جنب مع المزيد من تقبلنا للانفتاح الاقتصادي، لذلك يجب علينا أن نضمن أن أي زيادة في الرسوم أو التدابير لغير البحرينيين كجزء من جدول أعمال التقشف لا تقوض الجاذبية الاقتصادية من خلال جعل البحرين مكانا أكثر صعوبة أو تكلفة العيش.

في الإطار ذاته يمكننا أن نرى كيف يمكن لأي تدابير قصيرة النظر حول فرض المزيد من الضرائب أو الرسوم الجمركية على أولئك الذين يجلبون أمواهم للاستثمار في البحرين قد يكون مفيدا في جني عدة آلاف من الدنانير على المدى القصير، لكنه يصيب الاقتصاد ككل في مقتل على المدى الطويل عندما يؤدي إلى نفور المستثمرين الأجانب.

أعود لأؤكد مرة بعد مرة صوابية الرؤية الثاقبة لسمو ولي العهد في إطلاق مبادرات بعيدة النظر لتسهيل الاستثمار وزيادة انفتاح البحرين على العالم، وفي إصلاح سوق العمل، وتحرير الاقتصاد، نحن بالفعل مدينون لحكمته الاقتصادية وحرصة الدؤوب  على تنفيذ تلك الرؤية.

بعد فترة صعبة بالنسبة للاقتصاد بدأنا نرى الضوء في نهاية النفق، ومن المرجح أن اقتصاد البحرين سيخرج أقوى بعد هذه السنوات العجاف، وبعد خفض الاعتماد على النفط، وزيادة كفاءة القطاع العام، والاستثمار بكثافة في البنية التحتية للنمو المستقبلي للقطاع الخاص، وزيادة جاذبية البحرين كمركز للاستثمار، أنا متفائل بشكل خاص بالمبادرات لزيادة الفاعلية الاقتصادية مع شركائنا في الخليج العربي، وجعل حياتنا أفضل.

فيما ننظر وراء شواطئنا، ونرى العديد من الدول تسير في اتجاه مختلف تماما، في أمريكا يعلو الحديث عن بناء الجدران، والانسحاب من اتفاقيات تجارية إقليمية وعالمية، وحروب تجارية مرتقبة مع أجزاء مختلفة من العالم.

في الوقت ذاته تستمر بريطانيا في قطع حبال سفينتها التي رست لفترة طويلة في ميناء الاتحاد الأوربي، ورغم أن كل التحليلات الاقتصادية يؤكد أن هذه الانفصال سيضر الاقتصاد البريطاني إلى حد كبير جدا ويؤثر سلبيا على مكانة بريطانيا في العالم، لا زالت الشعبوية واليمينية التي انتهجتها عدد من الأحزاب السياسية آخذة في الانتشار في جميع أنحاء أوروبا لمهاجمة أركان الانفتاح والتسامح والفائدة المتبادلة التي بني عليها الاتحاد الأوروبي.

نحن محظوظين جدا بقادتنا الذين نأوا ببلادنا عن الشعبوية والحمائية وتيارات الانعزالية وكراهية الأجانب، وجعلوا أولوياتهم جلب الرفاهية الاقتصادية للبلاد وتحسين مستوى معيشة كل مواطن ومواطنة، ومع ذلك، يجب على المواطنين أنفسهم أن يسهموا أيضا في بذل طاقاتهم وإبداعاتهم من أجل بناء اقتصاد قوي عماده القطاع الخاص، الحامل للازدهار.

في وقت نرى الآخرين حول العالم يهربون من مفاهيم الاتحادات الاقتصادية والحدود المفتوحة، دعونا نعزز وحدتننا الاقتصادية الخليجية ونمضي قدما في مشاريع العملة الخليجية الواحدة والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي الكامل، فعندما تقف البحرين والمملكة العربية السعودية وباقي دول مجلس التعاون الخليجي معا تشجيع التجارة والسفر والتفاعل الثقافي سنجد أننا نسير في طريق الازدهار المشروع بشكل أسرع.

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s