نعم لنظامنا السياسي

Mr. Akram Miknasقرأت باهتمام المقابلة الصحيفة مع الأمين العام لجمعية وعد رضى الموسوي والتي أشار فيها إلى أن بعض مكونات المعارضة “استقرت على أن الحكومة المنتخبة لا تصلح للبحرين اليوم”، ليعقب الموسوي هذا التصريح بتوضيح آخر في اليوم التالي يقول فيه -بعد ما بدا أنه تعرض لعاصفة من انتقادات رفاقه- إن الأولوية في الوقت الحالي ينبغي أن تكون لـ “السلم الأهلي”، وليس محاولة فرض تغيير سياسي جذري.

لا أخفي ارتياحي لرؤية بعض العناصر المعارضة وقد أدركت أخيرا أن ما نحتاجه اليوم هو بذل الجهود معا لتعزيز اللحمة الوطنية والعيش المشترك، وليس الإصرار على محاولة دفع البحرين إلى حافة الهاوية السياسية. الآن هو الوقت المناسب للعمل معا والعمل لما فيه خير الجميع في البحرين.

إن تنظيم انتخابات عامة في مجتمعات ذات طوائف متعددة –وربما متناحرة- ودون ضمان التوازنات المطلوبة بين مختلف المكونات يؤدي إلى زعزعة الاستقرار، وقد رأينا ذلك في أكثر من مكان، ففي العراق لا زال الإقصائية سيدة الموقف بعد أن فشل نظام المحاصصة الطائفية فشلا ذريعا، وأسفر عن نظام سياسي مسخ وضعيف وتابع دفع جانبا من العراقيين يتحسرون على نظام صدام السياسي، فيما يتم استبعاد الطوائف والأعراق التي تفشل في الاستيلاء على السلطة بشكل كامل، ويدخل طلاب السلطة الجدد في حملة واسعة من الإثراء الشخصي على حساب موارد البلاد، وفي لبنان أيضا هناك الكثير من الحرية والقليل من الديمقراطية، مع تفاقم التوترات الطائفية في إطار نظام سياسي مشلول ومختل وظيفيا.

لذلك، وبدلا من تمكين أولئك الطامعين بفرض نظام سياسي علينا وفق أهوائهم ورغباتهم، علينا أن نعزز الجوانب الإيجابية في النظم السياسي البحريني ونبرزها من جهة، ونعمل على تقوية الحلقات والمفاصل والأجزاء التي لا تظهر أداء جيدا.

في مجتمع البحرين المتنوع، تسود ملكية دستورية تحكمها ضوابط وتوازنات دقيقة تضمن سلاسة عمل النظام السياسي ووظائف الدولة والحكومة، مع وجود برلمان منتخب يمثل مختلف مناطق البحرين، ويضبط أداؤه بالتنسيق مع مجلس شورى معين يمثل أعضاؤه خبرات مهنية عميقة ويعكسون تنوع الديانات والطوائف والأعراق في البحرين، وهكذا يعمل الجميع بتناغم يجعلنا مطمئنين إلى أن هذا هو الطريق الأمثل لحفاظ على روح البحرين الأصيلة ودستورها الوطني الجامع.

إن مجلس الشورى المعين ليس للحفاظ على مصالح النخبة وتكريس السلطة كما يرد العديد من المعارضين، فنظرة فاحصة وحيادية لوجود وأداء هذا المجلس تؤكد أنه أكثر تقدمية من المجلس المنتخب، ويعكس تنوع الشعب البحريني، ويضم نسبة عالية من الخبرات والتكنوقراط.

في هذا الجزء من العالم، ودون استثناء تقريبا، الاشخاص الذين يتم تعيينهم يكونون أكثر تقدمية وبراغماتية من الأشخاص المنتخبين الذي اكتسبوا الأصوات عبر المصالح الشخصية والقبلية والدينية المحلية التي يمثلونها.

هناك اعتقاد ساذج أن النظام السياسي يجب ببساطة أن يكون ديمقراطيا قدر الإمكان، فيما نرى أن النظام الذي يفشل في الاستمرار في نهجه، وينحني باستمرار أمام أهواء الناخبين، سرعان ما يصبح غير عملي، في الولايات المتحدة نرى حالة من الفوضى التي سببتها ديمقراطية منفلتة أتاحت لشخص مثل ترامب أن يصبح على اعتاب دخول البيت الأبيض، وبالمثل، يحاول السياسيون البريطانيون الآن تنظيف الفوضى بعد التصويت “الديمقراطي” الكارثي لترك الاتحاد الأوروبي الذي قد يشل الاقتصاد في المملكة المتحدة على مدى أجيال.

ويمكن أن يقال إن قرار البحرين حظر مشاركة رجال الدين في السياسة هو قرار  غير ديمقراطي، لأنه يحد من حرية الاختيار. ومع ذلك، فإن هذا الحظر يدفع شرا أكبر، ويمنع استغلال المنبر الديني في الترويج للأجندات الشخصية والطائفية الضيقة.

أنا مؤمن بالتقدم والتطور والإصلاح، وليس الثورة. ولا بد من القول باحترام شديد إن جلالة الملك وسمو ولي العهد مستمرين في قيادة دفة الإصلاح في مختلف المجالات، كما سينظر التاريخ إلى سمو رئيس وزرائنا كقائد أسهم في إحداث إحدى أكبر النقلات الحضارية في تاريخ البحرين.

النشطاء السياسيين يهجسون دائما بآلية اختيار القادة من خلال التركيز على الجزء العلوي، وينسون القاعدة وما هو أفضل للشعب، إنهم ينادون بآلية اختيار حسابية تعتمد على عدد الأصوات وتهمل كيفية الحصول على هذه الأصوات، ويعجزون عن ضمان ارتباط كسب الأصوات بتحقيق الرفاه للشعب وضمان أمنه واستقراره ضمن برامج وخطط دقيقة، وليس مجرد إثارة غرائزه واللعب على الوتر الديني والمذهبي وإثارة الكراهية.

في حين أهدرت المعارضة خمس سنوات من عمرها تقاطع العملية السياسية وتحاول عرقلة اقتصادنا ونماء مجتمعنا، تمكن قادتنا السياسيين من الحفاظ على الدولة البحرينية وضمان عملها، ويكفي القول هنا إن الاقتصاد البحريني نما في العام في عام الأزمة، العام 2011 بنسبة نصف بالمئة!.

فشلت المعارضة في مسعاها بمقاطعة الانتخابات النيابية حتى تحقيق مطلبها بحكومة منتخبة، فلم يتعطل عمل النظام السياسي في البحرين، كما لم تتمكن المعارضة من حشد الناس العاديين في الشوارع ودفعهم لاتخاذ مسار المواجهة.

إن نبذ جمعية وعد ونظيراتها للأجندة الطائفية يضمن لها إعادة تموضعها كمدافع تاريخي عن حقوق الفقراء وتبني سياسات تقدمية.

يجب علينا أن ندعم الإصلاح المستمر، إلا أن البحرين لديها نظام سياسي يستحق أن يكون مثالا يحتذى، وأن نفخر به، مع أهمية تعزيز الضوابط والتوازنات التي تمنع النيل منه من قبل بعض الجماعات والأيديولوجيات أو الطوائف، لذا علينا أن نركز على السير قدما في المسيرة الإصلاحية، بدلا من التطلع إلى استيراد أنظمة خارجية لا تناسبنا.

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s