
C Hotel
من المؤكد أن السياحة واحدة من أكثر القطاعات حاجة إلى المزيد من التطوير بغية رفع مساهمتها في دعم وتأهيل الناتج الوطني، خاصة مع الأرقام التي تشير إلى أن الفنادق والمطاعم تشكل أسرع المرافق الاقتصادية نموا بنسبة قاربت الـ 7.3٪ في عام 2015، فيما بلغ عدد زوار المملكة في العام ذاته 14.5 مليونا بزيادة نحو 8%.
وكمستثمر لسنوات طويلة في قطاع الضيافة أود أن أعرب عن إعجابي برؤية وزير الصناعة والتجارة والسياحة السيد زايد الزياني حول تعزيز جاذبية القطاع عبر فتح باب الاستثمار فيه على مصراعيه، وإحداث أكبر تكامل ممكن مع باقي الجهات الحكومية ذات العلاقة، مع التركيز على إعطاء السياحة طابعها البحريني من خلال زيادة عدد البحرينيين العاملين في القطاع، من موظفي المرافق السياحية ومرشدين سياحيين وغيرهم.
هذا يجعلنا نترقب نهضة سياحية غير مسبوقة نحن في أمس الحاجة إليها، وهي ضرورية لضمان مستقبل مزدهر بعيدا عن الاعتماد الكلي على عائدات النفط.
ومع ذلك، لابد من توجيه نداء إلى إيلاء اهتمام أكبر إلى مسألة الإبداع أو الابتكار في قطاع السياحة والإجابة على سؤال: ما الذي يجذب السائح بالفعل؟
فالسائح الذي قد ادخر لفترة طويلة حتى يتمتع برحلة سياحية واحدة في السنة، أو ربما طوال حياته. لذلك يبحث حتما عن شيء مميز وفريد لا يمكن أن تجده في مكان آخر.
أولئك الذين يسعون لاستثمار أموالهم في مشاريع سياحية جديدة يجب عليهم أن يجيبوا على السؤال السابق، وتقديم تجربة سياحية خاصة، حصرية ومختلفة، ولكنها في نفس الوقت تجربة متناغمة مع تراث وتقاليد البحرين، تستحضر البحر والتجارة وصيد اللؤلؤ، وبدلا من السعي لتحويل البحرين إلى ديزني لاند علينا التركيز على إبراز المميزات التي تتفرد بها البحرين، والثقافة والتقاليد العربية والإسلامية.
إن مبلغ الأربعة ملايين دولار التي أنفقناها على بناء أول فندق عائم من فئة الخمس نجوم في المنطقة (C Hotel) لا يعتبر استثمارا سياحيا كبيرا. ولم يكن مستغربا ان (C Hotel) حظي باهتمام غير مسبوق, فهو فريد من نوعه, و من هنا تركيز وسائل اعلام المنطقة كافة على هذا الحدث. و من هنا أنا على استعداد، بل أنا متحمس لمشاركة هذه التجربة مع كل الراغبين بإقامة منشآت سياحية مبتكرة وتقديم تجارب فريدة للسواح، وللحديث أمامهم عن دعم الرئيس التنفيذي لهيئة البحرين للسياحة والمعارض الشيخ خالد بن حمود والجهات الحكومية الأخرى لهذه التجربة، خاصة وأن نمو قطاع السياحة في البحرين يعود بالخير على الجميع.
نحن غالبا ندرك ما تملكه البحرين من ميزات سياحية فريدة من خلال حديث السياح والزوار عنها، فهم يدفعونا إلى اكتشاف جمال هذه الأرض التي نعيش عليها، وعندما ندرك ذلك جميعا سنتمكن من الحديث عن البحرين بالشغف الذي تستحق، وترويجها عالميا.
وأنا أكتب هذا المقال من مكتبي في المحرق، اشاهد من النافذة أمامي قوارب الصيد التقليدية تتمايل على مياه البحر أمام ساحل المنامة الجذاب والأنيق. البحرين ليست صراخ وبهرجة، بل هي فعل محبة وحضارة مما يجعلنا في البحرين نفتخر بتاريخنا الاعريق وتراثنا العربي والإسلامي , إلى جانب انفتاحنا الثقافي الذى قل نظيره.
تقدم البحرين هذه الامتيازات السياحية في وقت تغرق فيه وجهات سياحية تقليدية مثل سوريا ولبنان وغيرها في فوضى عارمة وأقول هذا بكثير من الحزن والأسف، غير أن هذا يوفر للبحرين بشكل أو بآخر فرصة لتكون وجهة بديلة لتلك الدول.
ولابد هنا من الإشارة إلى أننا في البحرين محظوظون بوجود الشيخة مي بنت محمد آل خليفة التي عملت على مدى سنوات طويلة كوزيرة للثقافة وحاليا رئيسة لهيئة البحرين للثقافة والآثار على إعادة إحياء التراث البحريني الأصيل عبر مشاريع مبتكرة مثل طريق اللؤلؤ، ومسرح البحرين الوطني، وباب البحرين، ومجموعة رائعة من الفعاليات مثل مهرجان ربيع الثقافة وغيرها الكثير, وضعت حجر الأساس للعمل السياحي الذي يتزاوج مع العمل الثقاقي.
إن هذه المشاريع وضعت البحرين على خارطة السياحة الثقافية العالمية، وحظيت باحترام واعتراف مؤسسات عالمية مثل اليونسكو وغيرها، وأعطت البحرين بعدا سياحا وثقاقيا متميزا.
إن من يعيش في البحرين يدرك أنها واحدة من أكثر الأماكن أمانا في العالم، وتنحصر جرائم العنف في أضيق نطاق، فقد أظهرت دراسة لبنك “إتش إس بي سي” مؤخرا ان البحرين سجلت أعلى المعدلات في العالم لناحية رضا المغتربين، إضافة إلى انخفاض تكاليف المعيشة، و ثقافة الترحيب المترسخة لدى الشعب البحريني الطيب.
وجاء ميثاق العمل الوطني والدستور ليكرس البحرين عبر القوانين والتشريعات والنصوص واحدة من أكثر دول العالم مساواة، حيث تسود مبادئ عدم التمييز لناحية اللون والعرق والجنس، إضافة إلى حرية الأديان والتسامح.
عندما أسافر أحرص دائما على توجيه الدعوات للأشخاص الذين ألتقي بهم لزيارة البحرين، وبصرف النظر عن أولئك الذين تعرضوا لوابل من التقارير الإعلامية السلبية عن احداث البحرين، أنا أسمع أطراء كبيرا من قبل الأجانب الذين سبق وأقاموا في البحرين أو زاروها لقضاء أعمال أو إجازة، ومعظمهم يقول إنها أفضل دولة خليجية للعيش بمفردك أو مع العائلة.
دعونا نستفيد من كل ذلك في ابتكار أساليب جذب جديدة للسواح، وأماكن إقامة مبتكرة، ونقدم لهم تجارب سياحية فريدة.