ولائاتنا الوطنية

 

Akramنشهد خلال حملات الانتخابات الأميركية الحالية إصرار المرشحين على إبداء أقصى درجات الولاء لوطنهم، بصرف النظر فيما إذا كانوا ولدوا وترعرعوا خارج الولايات المتحدة الأمريكية، أو أن أجدادهم ولدوا وعاشوا على الأرض الأمريكية منذ مئات السنين، وأي مرشح يبدي إعجابه أو ولائه لأمة أو بلد غير الولايات المتحدة الأمريكية فإنه سرعان ما يقابل بالاستياء وتهم الخيانة.

ويمكن القول إن هذه التوجهات ذاتها لدى أوربا واستراليا، ومختلف دول العالم، فالاستفتاء البريطاني القادم حول البقاء في الاتحاد الأوروبي يدفع الكثير من الإنكليز لتأكيد هويتهم الوطنية البريطانية بطريقة تميزهم عن الأمم الأخرى.

وأي شخص، في أي دولة من العالم، يضع أمة أخرى فوق أمته أو يعلن ولائه الأساسي لدولة أخرى، فإنه يعزل نفسه عن مجتمعه ويصبح محل ازدراء مواطنيه، وحتى في حال عدم وجود دليل مادي يضعه تحت طائل التجسس أو الخيانة، أو عدم قدرة الأجهزة القضائية على محاكمته، فإنه سيجد نفسه منبوذا من قبل المجتمع على نطاق واسع.

إن هويتنا ترتبط بعمق شديد مع قوميتنا ولغتنا الأم، وقوميتنا هي أكبر من كل واحد فينا، وأكبر من شارعنا ومدينتنا وقبيلتنا.

وحتى أؤلئك الذين يكتسبون جنسية بلد آخر عليهم أن يضعوه ولائهم لهذا البلد في المقام الأول، وهنا يجب إدانة أي بحريني حظي بشرف الجنسية البحرينية ثم عاد ووضع نفسه في خدمة مصالح دولة أخرى معادية، حيث ينبغي النظر للجنسية على أنها مسؤولية بقدر ما هي حق، وأولئك الذين يهاجمون بلدهم وانخرطوا في أنشطة إرهابية يجب نزع الجنسية عنهم، لأن الجنسية هي انتماء أولا.

حتى الفاتيكان لا يتوقع من الكاثوليك في جميع أنحاء العالم إعلان انتمائهم له قبل انتمائهم إلى دولهم وقومياتهم، وبالمثل فإن المملكة العربية السعودية تحظى بمكانة خاصة في قلوب البحرينيين والمصريين والليبيين والماليزيين وغيرهم من مسلمي أصقاع الأرض لوجود الحرمين الشريفين فيها، دون أن يحملوا الجنسية السعودية.

إن الذين يناصبون المملكة العربية السعودية العداء لا يريديون أن يعترفوا أن المملكة لم تحاول مطلقا فرض آرائها ومعتقداتها على الآخرين، حتى على جيرانها الأصغر حجما، وجميع دول مجلس التعاون الخليجي لديها التزام قوي باحترام الهوية الوطنية لكل منهما، في حين تحتفي هذه الدول بالهوية العربية والإسلامية المشتركة والثقافة والتاريخ واللغة الواحدة.

هذه الهوية العربية الجامعة تعطينا إحساسا أوسع من الانتماء الوطني الضيق، ونحن كعرب ومسلمين ندرك تماما أهمية الوقوف جنبا إلى جنب، ونعتبر الولاء خارج هذه الإطار خيانة للهوية.

ولدى المملكة العربية السعودية وجميع الدول العربية الحق بأن تنظر إلى تجمعات سياسية في دول عربية أخرى خانت هويتها الوطنية والعربية وسخرت نفسها للعمل في خدمة مصالح معادية، ونحن ندرك جميعا مدى الضرر الكبير الحاصل نتيجة خدمة تلك التجمعات لمصالح أجندة عدائية غير عربية.

لبنان، سوريا، العراق، اليمن وليبيا يعيشون مأساة الحروب الأهلية اليوم بسبب أولئك الذين باعوا أنفسهم ويعملون ضد مصالح الانتماءات الوطنية والعربية، ونحن جميعا نعرف إلى من أنا أشير هنا، ورأينا جميعا العواقب الوخيمة لمثل هذه التصرفات.

في مثل هذه الظروف، للدول العربية الحق بل عليها واجب النهوض والتصدي للمصالح المعادية العاملة على نشر الفوضى في جميع أنحاء الوطن العربي، والتدابير التي اتخذت في هذا الصدد خلال الأسابيع الأخيرة من قبل المملكة العربية السعودية والبحرين وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية شكلت رادعا قويا لإثبات أن الوطن العربي لا يمكنه إلا معاقبة المسيئين له.

الوطن العربي يمكن أن يكون قويا ومستقرا ومزدهرا عندما ننهض بهويتنا العربية المشتركة أولا، ونعمل بضمير من أجل الصالح العام على نحو يمنع أولئك الذين باعوا شعوبهم من أجل تعزيز نفوذ أمة أخرى داخل وطنهم.

اللجوء إلى الهويات الطائفية والدينية والعرقية الضيقة أثار الفرقة والفتن وعدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة، وسمح لكيانات خارجية بالتدخل في إرادتنا، وهنا يجب وضع رؤى الاتحاد الخليجي وإعادة الترابط العربي من أجل التصدي للمخططات المعادية.

العرب الآن، وأكثر من أي وقت مضى، بحاجة للوقوف جنبا إلى جنب ووضع الخلافات الصغيرة جانبا، وعندما تسود قوة الوحدة، أو قوة الوحدة، فإن وكلاء الأجندات المعادية والمصلحة الذاتية سيعودون إلى جحورهم.

الإعلان
بواسطة akmiknas

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s